للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الله - صلى الله عليه وسلم - (١)، قال: وحاصرهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خمسًا وعشرين ليلة حتى جهدهم الحصار، وقذف الله في قلوبهم الرعب.

وقد كان حيي بن أخطب دخل علي بني قريظة في حصنهم حين


(١) وقد اختلف العلماء في المصيب من الصحابة يومئذ من هو؟ مع الإجماع على أن كلا الفريقين مأجور ومعذور غير معنف، فقالت طائفة من العلماء: الذين أخروا الصلاة يومئذ عن وقتها المقدر لها حتى صلوا في بني قريظة هم المصيبون، لأن أمرهم يومئذ بتأخير الصلاة خاص، فيقدم على عموم الأمر بها في وقتها المقدر لها شرعًا، وقالت طائفة أخرى من العلماء: بل الذين صلوا الصلاة في وقتها لما أدركتهم وهم في مسيرتهم هم المصيبون، لأنهم فهموا أن المراد إنما هو تعجيل السير إلى بني قريظة لا تأخير الصلاة، فعملوا بمقتضى الأدلة الدالة على أفضلية الصلاة في أول وقتها مع فهمهم عن الشارع ما أراد، ولهذا لم يعنفهم، ولم يأمرهم بإعادة الصلاة في وقتها الذي حولت إليه يومئذ كما يدعيه أولئك، وأما أولئك الذين أخروا فعذروا بحسب ما فهموا، وأكثر ما كانوا يؤمرون بالقضاء وقد فعلوه، وأما على قول من يقول يجوز تأخير الصلاة لعذر القتال كما فهمه البخاري من حديث ابن عمر فلا إشكال على مَنْ أخّر ولا على من قدم والله أعلم. انظر: "البداية والنهاية" لابن كثير ٤/ ١٨.
قال النووي رحمه الله: ولم يعنف النبي -صلى الله عليه وسلم- واحدًا من الفريقين، لأنهم مجتهدون، ففيه دلالة لمن يقول بالمفهوم والقياس ومراعاة المعنى، ولمن يقول بالظاهر أيضًا قال الإمام أبو محمد ابن حزم الظاهري في كتاب السيرة: وعلم الله أنا لو كنا هناك لم نصل العصر إلا في بني قريظة ولو بعد أيام. وهذا القول ماش على قاعدته الأصلية في الأخذ بالظاهر، وفيه أنه لا يعنف المجتهد فيما فعله باجتهاده إذا بذل وسعه في الاجتهاد، وقد يستدل به على أن لكل مجتهد نصيب. "شرح صحيح مسلم" للنووي ١٢/ ٩٨ كتاب الجهاد، باب المبادرة بالغزو وتقديم أهم الأمرين المتعارضين.
ومثل هذِه الرواية رواها الطبري في "جامع البيان" ٢١/ ١٥٠ - ١٥١ عن الزهري.

<<  <  ج: ص:  >  >>