للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، بل تتركني في ملكك فهو أخف عليّ وعليك. فتركها، وقد كانت حين سباها كرهت الإسلام وأبت إلا اليهودية، فعزلها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ووجد في نفسه بذلك من أمرها، فبينما هو مع أصحابه إذ سمع وقع نعلين خلفه، فقال: "إن هذا لثعلبة بن سعيد يبشرني بإسلام ريحانة"، فجاءه قال: يا رسول الله، قد أسلمت ريحانة. فسره ذلك (١).

فلما انقضى شأن بني قريظة انفجر جرح سعد بن معاذ، وذلك أنه دعا بعد أن حكم في بني قريظة ما حكم فقال: اللهم إنك قد علمت أنه لم يكن قوم أحب إليّ مِنْ أن أجاهدهم من قوم كذَّبوا رسلك، اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش على رسولك شيئًا فأبقني لها، وإن كنت قد قطعت الحرب بينه وبينهم فاقبضني إليك (٢)، فانفجر كلمه (٣)، فرجعه


(١) "البداية والنهاية" لابن كثير ٤/ ١٢٦، "السيرة النبوية" لابن كثير ٣/ ٢٤٢.
(٢) قال النووي رحمه الله: هذا ليس من تمني الموت المنهي عنه، لأن ذلك فيمن تمناه لضر نزل به، وهذا إنما تمنَّى انفجارها ليكون شهيدًا. "شرح صحيح مسلم" ١٢/ ٩٥. ويؤيد ذلك الرواية السابقة حينما قال: فاجعله لي شهادة.
قال ابن كثير رحمه الله: كان دعا أولًا بهذا الدعاء قبل أن يحكم في بني قريظة، ولهذا قال فيه: (ولا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة) فاستجاب الله له، فلما حكم فيه وأقر عينه -أي قرار- دعا ثانيًا بهذا الدعاء، فجعلها الله له شهادة رَضِيَ الله عَنْه وأرضاه. "البداية والنهاية" ٤/ ١٢٣.
(٣) أصلُ الكَلْم الجَرْح، والجمع كلوم وكلامٌ، ومنه الحديث (إنّا نَقُوم على المرْضَى ونُداوِي الكَلْمَى) هو جمع كليم وهو الجريح، فعيل بمعنى مفعول، وقد تكرر ذكره اسما وفعلا مفردا ومجموعا. وانفجر كلمه أي: انفجر جرحه.
انظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير ٤/ ١٩٩. "لسان العرب" لابن منظور ١٢/ ٥٢٥ (كلم). "مختار الصحاح" للرازي (ص ٢٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>