للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ} من نساء بني زهرة. {اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ} فمن لم يهاجر منهن لم يجز نكاحها (١). وقرأ ابن مسعود: (واللاتي هاجرن) بواو (٢).


(١) مسألة: قوله تعالى {اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ} وفيه قولان: أحدهما: أن معناه لا يحل لك أن تنكح من بنات عمك وبنات عماتك إلا من أسلم، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه". الثاني: أن المعنى: لا يحل لك منهن إلا من هاجر إلى المدينة، لأن من لم يهاجر ليس من أولئك لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا}. ومن لم يهاجر لم يكمل، ومن لم يكمل لم يصلح لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي كمل وشرف وعظم. وهذا يدل على أن الآية مخصوصة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليست بعامة له ولأمته، -كما قال بعضهم- لأن هذِه الشروط تختص به. ولهذا المعنى نزلت الآية في أم هانئ بأنها لم تكن هاجرت، فمنع منها لنقصها بالهجرة.
فائدة: المراد بقوله: {هَاجَرنَ} خرجن إلى المدينة، وهذا أصح من الأول؛ لأن الهجرة عند الإطلاق هي الخروج من بلد الكفر إلى دار الإيمان، والأسماء إنما تحمل على عرفها، والهجرة في الشريعة أشهر من أن تحتاج إلى بيان، أو تختص بدليل، وإنما يلزم ذلك لمن ادعى غيرها.
فائدة: قوله تعالى: {مَعَك} المعية هنا الاشتراك في الهجرة لا الصحبة فيها، ومن هاجر حل له كان في صحبته أو لم يكن؛ يقال: دخل فلان معي، وخرج معي، أي: كان عمله كعملي، وإن لم يقترن فيه عملكما، ولو قلت: خرجنا معا لاقتضى ذلك المعنيين جميعا: المشاركة في الفعل، والاقتران فيه.
انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي ٣/ ١٥٥٦. "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي ١٤/ ٢٠٧ - ٢٠٨.
(٢) قال الطبري في "جامع البيان" ٢٢/ ٢١: وقد ذُكر أن ذلك في قراءة ابن مسعود: (وبنات خالاتك واللاتي هاجرن معك) بواو وذلك وإن كان كذلك في قراءته محتمل أن يكون بمعنى قراءتنا بغير الواو، وذلك أن العرب تدخل الواو في نعت =

<<  <  ج: ص:  >  >>