قلت: وهذا مما عمت به البلوى في كثير من البلدان الإسلامية التي أبيح فيها الاختلاط بين الرجال والنساء، خاصة في مراحل التعليم، وفي سن الشباب فكثيرًا ما سمعنا وقرأنا أن أغلب الطالبات في الجامعة وفي المراحل الثانوية قد تزوجن بهذِه الطريقة، وهي أن تقول الفتاة للشاب: وهبت لك نفسي، ويحدث بينهما ما يحدث بين المرأة وزوجها، وذلك لكثرة الفتن، وغلبة الجهل على الناس، ولابتعادهم عن دينهم، ولقلة أهل العلم الأتقياء، والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. (١) وهو قول قتادة، رواه الطبري، وروي أيضًا عن صالح بن مسلم قال: سألت الشعبي عن امرأة وهبت نفسها لرجل؟ قال: لا يكون، لا تحل له، إنما كانت للنبي - صلى الله عليه وسلم -. "جامع البيان" ٢٢/ ٢١ - ٢٢. مسألة: قال عكرمة: أي لا تحل الموهوبة لغيرك، ولو أن امرأة وهبت نفسها لرجل لم تحل له حتى يعطيها شيئًا، وكذا قال مجاهد والشعبي وغيرهما، أي: أنها إذا فوضت المرأة نفسها إلى رجل فإنه متى دخل بها وجب عليه لها مهر مثلها، كما حكم به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بروع بنت واشق لما فوضت، فحكم لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصداق مثلها لما توفي عنها زوجها، والموت والدخول سواء في تقرير المهر وثبوت مهر المثل في المفوضة لغير النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأما هو عليه الصلاة والسلام فإنه لا يجب عليه للمفوضة شيء ولو دخل بها، لأن له أن يتزوج بغير صداق ولا ولي، ولا شهود، كما في قصة زينب بنت جحش رضي الله عنها. وقد روى مسلم كتاب النكاح عن سهل بن سعد الساعدي قال: جاءت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله جئت أهب لك نفسي. . الحديث، قال النووي: فيه دليل على جواز هبة المرأة نكاحها له كما قال تعالى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً =