للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{غَيْرَ نَاظِرِيْنَ} منتظرين {إِنَاهُ} إدراك وقت نضجه (١)، وفيه


= فقلت: أنا، قال" أنا أنا" كأنه كرهه، وإنما كره ذلك لأن هذِه اللفظة لا يعرف صاحبها حتَّى يفصح باسمه أو كنيته التي هو مشهور بها، وإلا فكل أحد يعبر عن نفسه بأنا، فلا يحصل بها المقصود من الاستئذان الَّذي هو الاستئناس المأمور به، وقال العوفي عن ابن عباس: الاستئناس الاستئذان.
مسألة: وينبغي أن يستأذن الإنسان في الدخول على محارمه، قال ابن جريج: سمعت عطاء بن أبي رباح يخبر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ثلاث آيات جحدهن الناس، قال الله تعالى: {إِنَّ أَكَرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} قال: ويقولون إن أكرمهم عند الله أعظمهم بيتًا، قال: والإذن كله قد جحده الناس قال: قلت: استأذن على أخواتي وأيتام في حجري معي في بيت واحد؟ قال: نعم فرددت عليه ليرخص لي فأبى، فقال: تحب أن تراها عريانة؟ قلت: لا، قال: فاستأذن قال: فراجعته أيضًا. فقال: أتحب أن تطيع الله؟ قلت نعم، قال: فاستأذن. قال ابن جريج: وأخبرني ابن طاوس عن أبيه قال: ما من امرأة أكره إلي أن أرى عورتها من ذات محرم، قال: وكان يشدد في ذلك، وقال ابن مسعود: عليكم الإذن على أمهاتكم. وقال ابن جريج: قلت لعطاء: أيستأذن الرجل على امرأته قال: لا. وهذا محمول على عدم الوجوب، وإلا فالأولى أن يعلمها بدخوله ولا يفاجئها به، لاحتمال أن تكون على هيئة لا تحب أن يراها عليها. وروى أبو جعفر بن جرير، عن زينب -امرأة عبد الله بن مسعود- رضي الله عنهما، قالت: كان عبد الله إذا جاء من حاجة فانتهى إلى الباب تنحنح وبزق كراهة أن يهجم منا على أمر يكرهه، إسناده صحيح.
مسألة: ومن الجائز للأمير أو القاضي أن يجعل الإذن بالدخول عليه علامة كرفع الحجاب أو رفع الستر الَّذي على بابه أو غيره، ومتى أرخى حجابه فلا يُدخل عليه إلَّا بالاستئذان كما روى مسلم في كتاب السلام عن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذنك على أن يرفع الحجاب، وأن تستمع سوادي حتَّى أنهاك".
(١) روى مثله الطبري، عن مجاهد ٢٢/ ٣٤، "مفاتيح الغيب" للرازي ٢٥/ ١٩٣، "فتح القدير" للشوكاني ٤/ ٢٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>