للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

و (غير) نصب على الحال (١).


(١) ونصب (غيرَ) في قوله: (غَيَر ناظِرِينَ إناهُ) على الحال من الكاف والميم في قوله: {إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} لأن الكاف والميم معرفة و (غير) نكرة، وهي من صفة الكاف والميم. وكان بعض نحويّ البصرة يقول: لا يجوز في (غير) الجرّ على (الطعام)، إلَّا أن تقول: أنتم، ويقول: ألا ترى أنك لو قلت: أبدى لعبد الله عليّ امرأة مبغضا لها، لم يكن فيه إلَّا النصب، إلَّا أن تقول: مبغض لها هو، لأنك إذا أجريت صفته عليها، ولم تظهر الضمير الَّذي يدلّ على أن الصفة له لم يكن كلاما، لو قلت: هذا رجل مع امرأة ملازمها، كان لحنا، حتَّى ترفع، فتقول ملازمها، أو تقول ملازمها هو، فتجر.
وكان بعض نحوي الكوفة يقول: لو جعلت (غير) في قوله: {غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ} خفضا كان صوابا، لأن قبلها الطعام وهو نكرة، فيجعل فعلهم تابعا للطعام، لرجوع ذكر الطعام في إناه، كما تقول العرب: رأيت زيدًا مع امرأة محسنًا إليها ومحسن إليها، فمن قال محسنا جعله من صفة زيد، ومن خفضه فكأنه قال: رأيته مع التي يحسن إليها، فإذا صارت الصلة للنكرة تبعتها وإن كانت فعلًا لغير النكرة، كما قال الأعشى:
فَقُلْتُ لَهُ هذِه هاتِها. . . إلَيْنا بِأَدْماءَ مُقْتادها
فجعل المقتاد تابعا لإعراب بأدماء، لأنه بمنزلة قولك: بأدماء تقتادها، فخفضه لأنه صلة لها، قال: ويُنْشَد: (بأدماءِ مقتادِها) بخفض الأدماء لإضافتها إلى المقتاد، قال: ومعناه: هاتها على يدي من اقتادها. وأنشد أيضًا:
وَإنَّ امْرَأً أهْدى إلَيْكِ ودُونَهُ. . . مِن الأرْضِ مَوْماةٌ وَبَيْداءُ فَيْهَقُ
لَمَحْقُوقَة أنْ تَسْتَجيبي لِصَوْتِهِ. . . وأنْ تَعْلَمي أنّ المُعانَ مُوَفّقُ
وحُكِي عن بعض العرب سَمَاعًا يُنْشِد:
أرأيْتِ إذْ أعْطَيْتُكِ الوُدّ كُلّه. . . ولمْ يَكُ عِنْدي إنْ أَبَيْتِ إباءُ
أمُسْلِمَتِي للْمَوْتِ أنْتِ فَمَيّتٌ. . . وَهَلْ للنّفُوسِ المُسْلِماتِ بَقاءُ
ولم يقل: فميت أنا. وقال الكسائي: سمعت العرب تقول: يدك باسطها، يريدون أنت، وهو كثير في الكلام، قال: فعلى هذا يجوز خفض (غير). =

<<  <  ج: ص:  >  >>