وكان بعض نحوي الكوفة يقول: لو جعلت (غير) في قوله: {غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ} خفضا كان صوابا، لأن قبلها الطعام وهو نكرة، فيجعل فعلهم تابعا للطعام، لرجوع ذكر الطعام في إناه، كما تقول العرب: رأيت زيدًا مع امرأة محسنًا إليها ومحسن إليها، فمن قال محسنا جعله من صفة زيد، ومن خفضه فكأنه قال: رأيته مع التي يحسن إليها، فإذا صارت الصلة للنكرة تبعتها وإن كانت فعلًا لغير النكرة، كما قال الأعشى: فَقُلْتُ لَهُ هذِه هاتِها. . . إلَيْنا بِأَدْماءَ مُقْتادها فجعل المقتاد تابعا لإعراب بأدماء، لأنه بمنزلة قولك: بأدماء تقتادها، فخفضه لأنه صلة لها، قال: ويُنْشَد: (بأدماءِ مقتادِها) بخفض الأدماء لإضافتها إلى المقتاد، قال: ومعناه: هاتها على يدي من اقتادها. وأنشد أيضًا: وَإنَّ امْرَأً أهْدى إلَيْكِ ودُونَهُ. . . مِن الأرْضِ مَوْماةٌ وَبَيْداءُ فَيْهَقُ لَمَحْقُوقَة أنْ تَسْتَجيبي لِصَوْتِهِ. . . وأنْ تَعْلَمي أنّ المُعانَ مُوَفّقُ وحُكِي عن بعض العرب سَمَاعًا يُنْشِد: أرأيْتِ إذْ أعْطَيْتُكِ الوُدّ كُلّه. . . ولمْ يَكُ عِنْدي إنْ أَبَيْتِ إباءُ أمُسْلِمَتِي للْمَوْتِ أنْتِ فَمَيّتٌ. . . وَهَلْ للنّفُوسِ المُسْلِماتِ بَقاءُ ولم يقل: فميت أنا. وقال الكسائي: سمعت العرب تقول: يدك باسطها، يريدون أنت، وهو كثير في الكلام، قال: فعلى هذا يجوز خفض (غير). =