للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الله، والأصنام شركاؤه (١).

وقال قتادة في هذِه الآية: ما زال الناس من جهلة بني آدم حتَّى تعاطوا أذى ربهم (٢).

وقيل: يعني: يلحدون في أسمائه وصفاته (٣).


(١) روى البخاري كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} (٧٣٧٨) عن أبي موسى الأشعري، قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما أحد أصبر على أذى سمعه من الله، يدعون له الولد، ثم يعافيهم، ويرزقهم".
قال النووي: قال العلماء: معناه: أن الله تعالى واسع الحلم حتَّى على الكافر الَّذي ينسب إليه الولد والند.
قال المازري: حقيقة الصبر: منع النفس من الانتقام أو غيره، فالصبر نتيجة الامتناع، فأطلق اسم الصبر على الامتناع في حق الله تعالى.
وهذا الكلام فيه نظر فقد جاء في أسمائه تعالى: الصبور، وفي هذا الحديث: ما أحد أصبر على أذى سمعه من الله تعالى.
قال القاضي: والصبور من أسماء الله تعالى، وهو: الَّذي لا يعاجل العصاة بالانتقام، وهو بمعنى الحليم في أسمائه -سبحانه وتعالى-، والحليم: هو الصفوح مع القدرة على الانتقام. ولو أتى الموحدون بكل ذنب، وفعلوا كل قبيح، وارتكبوا كل معصية، ما بلغت مثقال ذرة في جنب هذا الكفر العظيم برب العالمين، ومسبته هذا السب، وقول العظائم فيه. فما ظن هؤلاء برب العالمين أن يفعله بهم إذا لقوه يوم تبيض وجوه وتسود وجوه، ويسأل المسيح على رؤوس الأشهاد وهم يسمعون {يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} فيقول المسيح مكذبا لهم ومتبرئا منهم: {سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (١١٦) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}. "شرح صحيح مسلم" ١٧/ ١٤٦.
(٢) رواه الطبري في "جامع البيان" ٢٢/ ٤٤.
(٣) الإلحاد في أسماء الله تعالى وصفاته هو تعطيلها أو تأويلها، أو تشبيهها، أو =

<<  <  ج: ص:  >  >>