للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال أهل المعاني: يؤذون أولياء الله مثل قوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} (١) وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قفل من تبوك (٢) فبدا


= القول بأنه مستحدثة أو مخلوقة، وأسماء الله تعالى وصفاته قائمة في التنزيل، محفوظة عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وهي كلها غير مخلوقة، ولا مستحدثة، فتعالى الله عما يقول الملحدون علوًا كبيرًا، ومعلوم أن الأسماء التي تسمى الله تعالى بها كلها حسنى، لها معان يستدل بها عليها؛ لأنها مشتقة من تلك المعاني، وهذِه المعاني هي الصفات، وليست أسماؤه مجرد أعلام، فالرحمن يدل على الرحمة، والعليم يدل على العلم، والحكيم يدل على الحكمة، وهكذا جميع أسمائه تعالى، والصحابة سمعوا هذِه النصوص، ورووها ولم يسألوا عن معان لها غير ظاهرها، فلما سكتوا دل ذلك على أنهم علموا أن المراد بها هو الظاهر، فوجب علينا أن نسكت حيث سكتوا، وأن نقبل ونسلم كما قبلوا وسلموا لها بدون تأويل، هامامنا في ذلك رسولنا - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وأتباعه إلى يوم القيامة.
(١) قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: لفظ القرية، والمدينة والنهر، والميزاب، وأمثال هذِه الأمور التي فيها الحالُّ والمحل، كلاهما داخل في الاسم، ثم قد يعود على الحالّ وهو السكان، وتارة على المحل وهو المكان، ففي قوله تعالى {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً} [النحل: ١١٢] وفي قوله تعالى {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ (١٣)} [محمد: ١٣] أراد الحال والسكان، وفي قوله تعالى {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا} [البقرة: ٢٥٩] أراد المحل وهو المكان لا السكان، فقوله تعالى {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} فاللفظ هنا يراد به السكان من غير إضمار ولا حذف، فهذا بتقدير أن يكون في اللغة مجاز، فلا مجاز في القرآن، بل وتقسيم اللغة إلى حقيقة ومجاز تقسيم مبتدع محدث لم ينطق به السلف. "الإيمان" (ص ١٠٦ - ١٠٧).
وانظر: "معاني القرآن" للنحاس ٥/ ٣٧٦.
(٢) تبوك: بفتح التاء وهي أقصى أثر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهي من أدنى أرض الشام، وعن محمد بن كليب: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاء في غزوة تبوك وهم يبوكون حسيها =

<<  <  ج: ص:  >  >>