للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بما روى محمد بن إسحاق عن محمد بن كعب القرظي أنه كان يقول: إن الذي أمر الله تعالى إبراهيم أن يذبحه من ابنيه إسماعيل وإنا لنجد ذلك في كتاب الله عز وجل، وذلك أن الله عز وجل حين فرغ من قصة المذبوح قال: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} وقال عز من قائل: {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} (١) يقول بابن وبابن ابن، فلم يكن يأمره بذبح إسحاق عليه السلام وله فيه من الله الموعود، فلما لم يذكر الله عز وجل إسحاق إلا بعد انقضاء قصة الذبيح ثم بشره بولد إسحاق علمنا أن الذبيح إسماعيل عليه السلام.

قال القرظي: فذكرت ذلك لعمر بن عبد العزيز رحمه الله وهو خليفة إذ كنت معه بالشام فقال لي عُمر: إن هذا لشيء ما كنت انظر فيه، وإني لأراه كما قلتَ، ثم أرسل إلى رجل كان عنده بالشام وكان يهوديًّا فأسلم وحسن إسلامه، وكان يرى أنه من علماء اليهود فسأله عمر بن عبد العزيز عن ذلك وأنا عنده فقال: أيُّ ابني إبراهيم عليه السلام أُمِر بذبحه؟ فقال: إسماعيل، ثم قال: والله يا أمير المؤمنين إن اليهود لتعلم ذلك ولكنهم يحسدونكم معشر العرب على أن يكون أباكم الذي كان من أمر الله عز وجل فيه، والفضل الذي ذكره الله عز وجل لصبره على ما أُمِر به، فهم يجحدون ذلك ويزعمون أنه إسحاق؛ لأن إسحاق عليه السلام أبوهم (٢) واحتجوا أيضًا بأن قرني الكبش كانا


(١) هود: ٧١.
(٢) قال ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" ١٢/ ٥١ - ٥٢ والذي استدل به محمد بن كعب القرظي أنه إسماعيل أثبت وأصح وأقوى، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>