للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اعترفت لك، ولكن كيف هي في كتابك، يَا محمدُ؟ قال: "إذا شهد أربعة رهط عدول، أنَّه قد أدخله فيها كما يدخل الميل في المكحلة وجب عليه الرَّجم"، فقال ابن صوريا: والذي أنزل التوراة على موسى! هكذا أنزل الله في التوراة على موسى، فقال له النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-: "فماذا كان أول ما ترخَّصتم به أمر الله؟ ".

قال: كنا إذا أخذنا الشريف تركناه، وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحدَّ، فكثر الزنا في أشرافنا، حتَّى زنى ابن عم ملك لنا، فلم ترجمة، ثم زنى رجل آخر في أسوة الناس، فأراد ذلك الملك رجمه، فقام دونه قومه، فقالوا: والله لا ترجمة حتَّى ترجم فلانًا، لابن عم الملك، فقلنا: تعالوا نجتمع، فلنضع شيئًا دون الرَّجم، يكون مكان الرَّجم، فيكون على الشريف والوضيع، فوضعنا الجلد والتحميم، وهو أن يجلد أربعين جلدةً، بحبل مطليٍّ بالقار (١) ثم يُسوَّد وجوههما، ثم يُحملا على حمارين، ويُحوَّل وجوههما من قبل دُبُر الحمار، ويُطاف بهما، فجعلوا هذا مكان الرَّجم. فقالت اليهود لابن صوريا: ما أسرع ما أخبرته به! وما كنتَ كما أثنينا عليك بأهلٍ، ولكنَّك كنت غائبًا فكرهنا أن نغتابك. فقال لهم: إنه نشدني بالتوراة، ولولا خشية التوراة أن تهلكني لما أخبرته به. فأمر بهما النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، فرُجما عند باب مسجده، وقال: "أنا أوَّل من أحيا أمرك


(١) هو القطران.
انظر: "القاموس المحيط" للفيروزآبادي (قور)، وعمل اليهود هذا يسمَّى بالتجبية، كما ورد في "السيرة النبوية" لابن هشام ٢/ ١٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>