للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأطعمني وسقاني لَرَبِّي، ما لي إله غيره. ثم نظر، فإذا المشتري قد طلع، ويقال: الزهرة، وكانت تلك الليلة في آخر الشهر، فرأى الكوكب قبل القمر، فقال: هذا ربي، فذلك قوله عز وجل: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ} أي: دخل (١).

يقال: جنَّ الليل وأجنَّ، وَجنَّهُ الليل، وأجَنَّه، وجَنَّ عليه الليل يَجُنُّ جُنُونًا وجَنَانًا: إذا أظلم وغطَّي كُلَّ شيء (٢)، وإنما سُمِّيت الجن، لاجتنانها، فلا تُرى.

قال أبو عبيدة: جنون الليل: سواده (٣)، وأنشد:


(١) الأثر بطوله عند الطبري ٧/ ٢٤٨، وابن أبي حاتم (١٦٤٨١). وهذا الأثر، وما سبقه من الإسرائيليات، التي ليس لها خطام ولا زمام؛ قال الدكتور محمد حسين الذهبي، معلقًا: (وما يذكر من الأخبار عنه في إدخال أبيه له في السرب وهو رضيع، وأنه خرج بعد أيام، فنظر إلى الكواكب والمخلوقات، فتبصَّر فيها، وما قصَّه كثير من المفسرين وغيرهم، فعامتها أحاديث بني إسرائيل؛ فما وافق منها الحق مما بأيدينا عن المعصوم؛ قبلناه؛ لموافقته الصحيح، وما خالف شيئًا من ذلك رددناه، وما ليس فيه موافقة من ذلك ولا مخالفة لا نصدِّقه ولا نكذِّبه، بل نجعله وقفًا، وما كان من هذا الضرب منها فقد رخَّص كثير من السلف في روايته، وكثير من ذلك مما لا فائدة، ولا حاصل في روايته مما ينتفع به في الدين، ولو كانت له فائدة تعود على المكلفين في دينهم، لبيَّنته هذِه الشريعة الكاملة الشاملة، والذي نسلكه في هذا التفسير الإعراض عن كثير من الأحاديث الإسرائيلية؛ لما فيها من تضييع الزمان، ولما اشتمل عليه كثير منها من الكذب المروج عليهم؛ فإنهم لا تفرقة عندهم بين صحيحها وسقيمها؛ كما حرره الأئمة الحفاظ المتقنون) اهـ من كتابه "الإسرائيليات في التفسير والحديث" (١١١، ١١٢).
(٢) انظر: "تاج العروس" ٣٤/ ٣٧٤، "تهذيب اللغة" ١٠/ ٥٠١ (جنَّ).
(٣) "مجاز القرآن" ١/ ١٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>