للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فسادها (١)، فأمّا التأويل الصحيح والصواب فهو ما قاله الفراء وجماعة من أهل المعاني، أن معناها أقبل على خلق العرش وعمد إلى خلقه، يدل عليه قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {ثُمَّ اسْتَوَىَ إِلَى الْسَّمَاءِ} أي: عمد إلى خلق السماء (٢).

وقال أهل الحق من المتكلمين: أحدث الله فعلا سماه استواء) (٣)،


(١) هذا القول فيه صواب وخطأ فليس كلها تأويلات فاسدة، فما جاء عن المعتزلة ومن وافقهم في القول بأن
معنى استوى: استولى وملك، فهو فاسد كما قال المصنف، وأما ما جاء عن الكلبي ومقاتل وأبي عبيدة فهو صحيح ومن أقوال السلف كما سبق بيانه.
(٢) هذا القول على مذهب الأشاعرة.
قال ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" ٣/ ٣١٠ معقبا على كلام الثعلبي: واختار هو ما حكاه عن الفراءِ وجماعة أَن معناه أقبل على خلق العرش وعمد إلى خلقه، قال: ويدل عليه قولهُ: {ثُمَّ اسْتَوَىَ إِلَى الْسَّمَاءِ دُخَانٌ} [فصلت: ١١]. أَي: عمد إلى خلق السماء؛ وهذا الوجه من أَضعف الوجوه؛ فمانه قد أَخبر أَن العرش كان على الماء قبل خلق السموات والأرض وكذلك ثبت في صحيح البخاري عن عمران بن حصين عَن النبي - صلى الله عليه وسلم - أَنه قال: "كَانَ الله وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيءٍ ثُمَّ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ". فإذا كان العرش مخلوقا قبل خلق السموات والأرض فكيف يكون استواؤه عمده إلى خلقه له؟ لو كان هذا يعرف في اللغة: أَن استوى على كذا بمعنى أَنه عمد إلى فعله، وهذا لا يعرف قط في اللغة لا حقيقة ولا مجازا لا في نظم ولا في نثر. ومن قال: استوى بمعنى عمد: ذكره في قوله: {ثُمَّ اسْتَوَىَ إِلَى الْسَّمَاءِ دُخَانٌ} [فصلت: ١١]. لأنه عدي بحرف الغاية كما يقال: عمدت إلى كذا وقصدت إلى كذا ولا يقال: عمدت على كذا ولا قصدت عليه. أهـ.
(٣) من (ت) و (س). ذكره الخازن في "لباب التأويل" ٢/ ٥١٩، ونسبه إلى أبي الحسن الأشعري.

<<  <  ج: ص:  >  >>