للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلبثوا (١) فيه ليس لهم عمل إلا الصلاة والصيام والتسبيح والتكبير والتحميد ابتغاء وجه الله تعالى، وجعلوا نفقتهم إلى فتى منهم يقال له "تمليخا" وكان على طعامهم يبتاع لهم أرزاقهم من المدينة سرًّا، وكان من أجملهم وأجلهم، وكان تمليخا يصنع ذلك، فإذا دخل المدينة يضع ثيابًا كانت عليه حسانًا ويأخذ ثيابًا كثياب المساكين الذين يستطعمون فيها، ثم يأخذ ورقة وينطلق إلى المدينة فيشتري طعامًا وشرابًا ويتسمع (٢) ويتجسس لهم الخبر: هل ذكروه وأصحابه بشيء؟ ثم يرجع إلى أصحابه، فلبثوا بذلك ما لبثوا، ثم قدم دقيانوس الجبّار إلى المدينة، فأمر العظماء فذبحوا للطواغيت، ففزع بذلك (٣) أهل الإيمان، وكان تمليخا بالمدينة يشتري لأصحابه طعامهم وشرابهم فرجع إلى أصحابه وهو يبكي ومعه طعام قليل، فأخبرهم أن الجبار دقيانوس قد دخل المدينة وأنهم قد ذكروا والتمسوا مع عظماء المدينة ليذبحوا للطواغيت، فلما أخبرهم فزعوا ووقعوا سجودًا يدعون الله تعالى ويتضرعون إليه ويتعوذون به من الفتنة، ثم إن تمليخا قال لهم: يا إخوتاه ارفعوا رؤوسكم فاطعموا منه، وتوكلوا على الله ربكم. فرفعوا رؤوسهم وأعينهم تفيض من الدمع


(١) في "معالم التنزيل" للبغوي قبل فلبثوا: قال ابن إسحاق، وجاء في نسخة (ب) بعد قوله: البلدة علامة انتهاء الكلام، أي أنها آخر كلام ابن عباس ثم رجع الكلام لابن إسحاق.
(٢) في (ب) ويسمع، وفي (ز) ويستمع.
(٣) في (ب) من ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>