للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأمّا محلُّ الإسلام من الإيمان فهو كمحلِّ الضوءِ من الشَّمس، فكل شمس ضوء، وليس كل ضوء شمسًا، وكل مسك طيب وليس كل طيب مسكًا، كذلك كلّ إيمان إسلام، وليس كل إسلام إيمانًا (١)، إذا لم يكن تصديقًا، لأنَّ الإسلام هو الخضوع والانقياد، يدل عليه (٢) قوله تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} (٣) أي: استسلمنا من خوف السيف.

وقول النَّبيُّ - صَلَّى الله عليه وسلم -: "الإيمان سرٌّ -وأشار بيده إلى صدره- والإسلام


(١) الإيمان والإسلام الشرعيان متلازمان في الوجود، فلا يوجد أحدهما بدون الآخر، بل كما وجد إيمانٌ صحيحٌ معتدٌّ به، وُجد معه إسلام، وكذلك العكس، ولهذا قد يُستغنى بذكر أحدهما عن الآخر؛ لأنَّ أحدهما إذا أُفرد بالذكر دخل فيه الآخر، وأمَّا إذا ذُكرا معًا مقترنين، أريد بالإيمان التصديق والاعتقاد، وأريد بالإسلام الانقياد الظاهري من الإقرار باللسان وعمل الجوارح.
ولكن هذا بالنسبة إلى مطلق الإيمان، أما الإيمان المطلق، فهو أخص مطلقًا من الإسلام، وقد يوجد الإسلام بدونه، كما في قوله تعالى {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} فأخبر بإسلامهم مع نفي الإيمان المطلق عنهم. وفي حديث جبريل ذكر المراتب الثلاث: الإسلام، والإيمان، والإحسان، فدلَّ على أنَّ كلًّا منها أخصُّ مما قبله.
"شرح العقيدة الواسطية" لمحمد خليل هراس (ص ٢٣٦). وانظر هذِه المسألة في: "معالم التنزيل" للبغوي ١/ ٦٠، "شرح العقيدة الطحاوية" (ص ٤٠٩) "الإيمان" لابن تيمية (٥ - ١٢)، "العقيدة الواسطية" لابن تيمية مع الشَّرح (ص ٢٣٦).
(٢) ساقطة من (س).
(٣) الحجرات: ١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>