ادعاء ألوهيته وأن الثلاثة واحد، وهو عيسى، ورفضت فرقة الإصلاح «البروتستانت» فكرة ألوهية عيسى.
روى عدي بن حاتم قال:«أتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وفي عنقي صليب من ذهب، فقال: يا عدي، اطرح عنك هذا الوثن، وسمعته يقرأ في سورة براءة:
{اِتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ}[٣١] فقلت له: يا رسول الله، لم يكونوا يعبدونهم، فقال: ما كانوا يحللون لكم ويحرّمون، فتأخذون بأقوالهم؟ قال:
نعم، فقال عليه الصّلاة والسّلام: هو ذاك»، وعلى هذا خوطب أهل الكتاب بهذا الخطاب؛ لأنهم جعلوا أحبارهم في الطاعة لهم كالأرباب.
فإن أعرضوا عن هذه الدعوة أو التحكيم، وأبوا إلا أن يعبدوا غير الله، فقولوا لهم: إنا مسلمون حقا، منقادون لله، مخلصون له الدّين، لا نعبد أحدا سواه، ولا نطلب النّفع أو دفع الضّرر من غيره، ولا نحلّ إلا ما أحلّه الله، ولا نحرّم إلا ما حرّمه الله.
وهذه الآية هي جوهر رسائل النّبي صلّى الله عليه وسلّم وكتبه إلى ملوك وأمراء العالم من أهل الكتاب وغيرهم، مثل كسرى ملك الفرس الوثنيين، وهرقل ملك الرّوم النصارى، والنّجاشي النّصراني والمقوقس عظيم أقباط مصر وغيرهم. واشتملت كل تلك الكتب على هذه الآية، وهنا أذكر كتابه إلى هرقل،
جاء في صحيح مسلم:
«بسم الله الرّحمن الرّحيم. من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الرّوم. سلام على من اتّبع الهدى، أما بعد: فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت، فإن عليك إثم الأريسيين-أي الشعب من فلاحين وخدم وأتباع وغيرهم، و {يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلاّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ، وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً، وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ، فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا: اِشْهَدُوا بِأَنّا مُسْلِمُونَ}».