للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنها، ذكر أنهم عدلوا إلى طريق آخر، وهو التهديد والتخويف بأنهم أصحاب السلطة والمال، فأجابهم الله عن ذلك بقوله: {وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ} تبشيرا له بالنصر عليهم، كما أنه تعالى مهد لذلك في بيان صفة الأولياء وبشارتهم في الآيات المتقدمة، إيماء إلى الوعد بالنصر على الأعداء في مكة المغترين بقوتهم، المكذبين بوعد الله.

التفسير والبيان:

ولا يحزنك أيها الرسول قول هؤلاء المشركين: لست مرسلا، وغيره من إشراك وتكذيب وتهديد بأنهم أصحاب القوة والمال، واستعن بالله عليهم، وتوكل عليه، فإن العزة أي الغلبة والقوة والقهر لله تعالى جميعا، أي جميعها له، وأما إثبات العزة لرسوله وللمؤمنين ففي آية أخرى: {وَلِلّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون ٨/ ٦٣] فالعزة كلها بالله، وإلى الله.

هو السميع لأقوال عباده، ومنها أقوالهم المتضمنة تكذيب الحق وادعاء الشرك، العليم بأحوالهم وبما يفعلون من إيذاء وكيد، وسيجازيهم عليه، فلا تأبه لقولهم ومكيدتهم، وفي هذا تسلية للنبي صلى الله عليه وسلّم على ما يلقاه من أذى قومه، وتبشير له بالنصر عليهم.

ثم أقام الدليل على انفراده بالعزة كلها بقوله: {أَلا إِنَّ لِلّهِ..}. أي انتبهوا أيها الناس، إن لله ملك السموات والأرض وما بينهما، لا ملك لأحد فيهما سواه، فكيف تصلح الأصنام آلهة؟ وهي مملوكة، والعبادة لا تكون إلا للمالك، بل إنها لا تعقل ولا تملك شيئا، لا ضرا ولا نفعا، ولا دليل لهم على عبادتها، بل إنما يتبعون في ذلك ظنونهم وأوهامهم.

{وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ شُرَكاءَ} أي لا يتبع هؤلاء المشركون شركاء لله في الحقيقة، فليس لله شريك أبدا، وليس للشركاء المزعومين

<<  <  ج: ص:  >  >>