للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتحدّثون: تصدّق الليلة على غني، قال: اللهم لك الحمد: على غني! لأتصدقنّ الليلة بصدقة، فخرج فوضعها في يد سارق، فأصبحوا يتحدّثون: تصدّق الليلة على سارق، فقال: اللهم لك الحمد، على زانية، وعلى غني، وعلى سارق، فأتي فقيل له: أما صدقتك فقد قبلت، وأما الزانية فلعلها أن تستعف بها عن زنا، ولعل الغني يعتبر، فينفق مما أعطاه الله، ولعل السارق أن يستعف بها عن سرقته».

ثم بيّن الله تعالى أحقّ الناس بالصدقة وهم الفقراء بالصفات الخمس التالية:

الصفة الأولى-الإحصار في سبيل الله:

أي الذين حبسوا أنفسهم للجهاد أو العمل في مرضاة الله كطلب العلم؛ إذ لو اشتغلوا بالكسب مثل غيرهم لتعطلت المصلحة العامة، فهم فداء الأمة وحماتها وقادتها الموجهون لها في وقت السّلم والحرب، وفي الشدّة والأزمة أو المحنة، والرفاه والرخاء أو السعادة. وقد عرفنا أن هذه الآية نزلت في أهل الصّفّة: وهم فقراء المهاجرين الذين كانوا حوالي أربعمائة رجل، وكانوا مرابطين في سقيفة المسجد، يتعلمون القرآن في الليل، ويجاهدون في النهار،

عن ابن عباس أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقف يوما على أصحاب الصّفّة، فرأى فقرهم وجهدهم وطيب قلوبهم، فقال: «أبشروا يا أصحاب الصّفّة، فمن بقي من أمتي على النّعت الذي أنتم عليه، راضيا بما فيه، فإنه من رفقائي».

الصفة الثانية-العجز عن الكسب:

{لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ} أي لا يتمكنون من القيام بالسفر أو السّير في البلاد للتجارة والكسب. والضرب في الأرض: هو السّفر، وعجزهم لأسباب عديدة: منها الكبر والشيخوخة، ومنها المرض، ومنها الخوف من العدو، ونحو ذلك من الضرورات.

<<  <  ج: ص:  >  >>