فَاثْبُتُوا} أي إذا حاربتم جماعة من أعدائكم الكفار، فاثبتوا أمامهم في القتال، وإياكم من الفرار من الزحف وتولي الأدبار، فالثبات ركيزة الحروب وسبب للانتصار، والفرار جريمة كبري يعاقب عليها الله تعالى؛ لأنها خطأ فادح في حق الأمة قاطبة.
ثبت في الصحيحين عن عبد الله بن أبي أوفى أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم انتظر في بعض أيامه التي لقي فيها العدو، حتى إذا مالت الشمس، قام فيهم فقال:
«يا أيها الناس، لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف».
ثم قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلم وقال:«اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم».
وروى عبد الرزاق عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم:
«لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاثبتوا، واذكروا الله، فإن صخبوا وصاحوا، فعليكم بالصمت».
وروى الحافظ أبو القاسم الطبراني عن زيد بن أرقم عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم مرفوعا قال:«إن الله يحب الصمت عند ثلاث: عند تلاوة القرآن، وعند الزحف، وعند الجنازة».
والأدب الثاني:
هو ذكر الله كثيرا: بذكره في القلب واللسان، والتضرع والدعاء بالنصر والظفر؛ لأن النصر لا يحصل إلا بمعونة الله تعالى، وذكر الله في أثناء القتال يحقق معنى العبودية لله، ويشعر بمعنى الإيمان والتفويض لله والتوكل عليه، ويقوي الروح المعنوية، فبذكره تطمئن القلوب، ويؤمّل النصر والفرج، وبدعائه تتبدد الكروب والمخاوف، ويحلو الموت في سبيل الله عز وجل.