قل أيها الرسول للمؤمنين: ليفرحوا بفضل الله وبرحمته بهذا الذي جاءهم من الله من الهدى ودين الحق، فإنه أولى ما يفرحون به. وقوله:{فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا} يفيد الحصر، يعني يجب ألا يفرح الإنسان إلا بذلك.
روى ابن مردويه وأبو الشيخ ابن حيان الأنصاري عن أنس مرفوعا:«فضل الله:
القرآن، ورحمته أن جعلكم من أهله» وقال الحسن البصري والضحاك وقتادة ومجاهد: «فضل الله: الإيمان، ورحمته: القرآن».
إن الفرح بما تفضل به الله وبما رحم به المؤمنين هو أجدى وأنفع من كل ما يجمعونه من الأموال وسائر خيرات الدنيا، لا محالة؛ لأنه يؤدي إلى سعادة الدارين، وتلك الأموال سبب السعادة في الدنيا فقط.
فقه الحياة أو الأحكام:
هذه الصفات الأربع هي صفات القرآن، ففي القرآن المواعظ والحكم، وهو الشفاء النافع من الشك والنفاق والخلاف والشقاق، وهو الهدى أي الرشد لمن اتبعه، عصمة لمن تبعه، ونجاة لمن تمسك به. ورحمة أي نعمة كبري خاصة بالمؤمنين.
وإن فضل الله ورحمته من أعظم دواعي الفرح والسرور، بل لا فرح ولا سرور بغير فضل الله ورحمته، وفضل الله: الإيمان، ورحمته: القرآن. وهذا قول الحسن والضحاك ومجاهد وقتادة. وعن أبي سعيد الخدري وابن عباس رضي الله عنهما العكس تماما، فقالوا: فضل الله القرآن، ورحمته الإسلام.
وعلى كل فإن مصدر الفرح الصحيح للمسلمين شيئان: الإيمان أو الإسلام، والقرآن. وإن فضل الله ورحمته خير للمؤمنين مما يجمعون من حطام الدنيا؛ لأن الآخرة خير وأبقى، وما كان كذلك فهو أولى بالطلب والتحصيل.
روى أبان عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «من هداه الله للإسلام، وعلمه القرآن، ثم شكا