فإن تابوا عن الكفر أو الشرك الذي حملهم على قتالكم وعداوتكم، ودخلوا في الإسلام بأن أعلنوا الشّهادتين، وأقاموا حدوده، والتزموا أركانه، من إقامة الصلاة، وإيتاء الزّكاة، فخلّوا سبيلهم، واتركوهم وشأنهم، واعلموا أن الله غفور لمن استغفره، رحيم بمن تاب إليه.
وقد نبّه على إقامة الصّلاة التي هي حقّ الله عزّ وجلّ بعد أداء الشّهادتين؛ لأنها أشرف أركان الإسلام بعد الشّهادتين، وبعدها أداء الزّكاة التي هي أشرف الأفعال المتعلّقة بالمخلوقين، وتؤدّي إلى تحقيق التّكافل الاجتماعي في الإسلام، وتساهم في حلّ مشكلة الفقر، ونفع الفقراء، ولهذا كثيرا ما يقرن الله بين الصلاة والزّكاة.
فقه الحياة أو الأحكام:
دلّت الآية على ما يأتي:
١ - وجوب قتال المشركين العرب حتى يسلموا؛ إذ لا يقبل منهم باعتبارهم حملة رسالة الدّعوة الإسلامية إلى العالم إلا الإسلام أو القتل.
٢ - إنّ إقامة الصّلاة أو إيتاء الزّكاة دليل على الإسلام، وأنهما يعصمان الدّم والمال، ويوجبان لمن يؤدّيهما حقوق المسلمين من حفظ دمه وماله إلا بحق الإسلام، كارتكاب ما يوجب القتل من قتل النفس البريئة، وزنى الزّاني المحصن، والرّدّة إلى الكفر بعد الإيمان،
قال النّبي صلّى الله عليه وآله وسلم فيما رواه البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن مسعود وغيره:«لا يحلّ دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: كفر بعد إيمان، أو زنى بعد إحصان، أو قتل نفس بغير نفس».
وروى الشّيخان وغيرهما عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم أنه قال-وهو حديث متواتر-: «أمرت أن أقاتل الناس-أي مشركي العرب