وما ينتظرهم من نعيم مقيم إن آمنوا وعملوا الصالحات، أو عذاب مهين إن كفروا وعصوا أوامر ربهم، فلا يعملون أبدا لما ينفعهم في الآخرة، وعلمهم منحصر في الدنيا، بل لا يعلمون الدنيا على حقيقتها، وإنما يعلمون ظاهرها، وهي ملاذها وملاعبها، ولا يعلمون باطنها وهي مضارها ومتاعبها، فهم عن الآخرة غافلون.
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات إلى ما يأتي:
١ - إثبات صدق النبي صلّى الله عليه وسلّم في دعواه النبوة والرسالة، وإعلام قاطع بأن القرآن كلام الله الذي يعلم وحده الغيب في السموات والأرض. وتلك معجزة واضحة بالإخبار عن مغيبات المستقبل، وقد وقع الأمر كما أخبر القرآن الكريم.
٢ - الله تعالى متفرد بالقدرة الشاملة النافذة، فكل ما في العالم من غلبة وغيرها إنما هي منه، وبإرادته وقدرته، فلله الأمر، أي إنفاذ الأحكام سواء قبل هذه الغلبة وبعدها، والله دائما هو القوي العزيز في نقمته، الرحيم لأهل طاعته.
٣ - يبشر الله تعالى المؤمنين بنصر أهل الكتاب المتعاطفين مع المسلمين، لاجتماعهم على الإيمان بالإله والإيمان باليوم الآخر، على الفرس المجوس الوثنيين الذين لا يؤمنون بشيء من الكتب السماوية، ولا بالله تعالى ولا بالآخرة.
٤ - وعد الله لا يخلف؛ لأن كلامه حق وصدق، ولكن أكثر الناس وهم الكفار لا يعلمون وعده، ولا أنه لا خلف في وعده.
٥ - إن أكثر الناس لا سيما الكفار عاملون بظواهر الأمور الدنيوية من اكتساب الأموال والمعايش ومعرفة شؤون الزراعة والتجارة والصناعة والعلوم المادية، ولكنهم غافلون عن العلم بالآخرة وعن العمل بها.
قال الزمخشري: أفاد قوله تعالى {يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا} أن