وهذا غير مقبول؛ لأن أولياءها لم يؤتوها شيئا ثم يذهبوا ببعض ما آتوه لها.
والمراد بقوله:{لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ} ألا تضاروهن في العشرة لتترك لكم ما أصدقتموها أو بعضه أو حقا من حقوقها عليكم، أو شيئا من ذلك على وجه القهر لها والإضرار.
ثم استثنى الله تعالى حالا واحدة يجوز فيها العضل أي الحبس والتضييق وهي حالة إتيان الفاحشة المبينة كالزنى والسرقة والنشوز عن الطاعة، ونحو ذلك من الأمور الممقوتة شرعا وعرفا، ففي هذه الحال يجوز العضل لاسترداد ما أعطوه من صداق وغيره من المال؛ لأن الإساءة من جانبها، واشتراط كون الفاحشة مبينة أي ظاهرة ثابتة إنما هو لمنع عضلها بمجرد سوء الظن والتّهمة بسبب غيرة الرجل الشديدة وتسرعه في الحكم على الزوجة البريئة، أو المرأة العفيفة، فيقع الرجل في الظلم حينئذ.
الحق الثالث-المعاشرة بالمعروف:
أي تطييب القول وتحسين الأفعال والهيئات والإنصاف بالنفقة والمبيت، فإن المرأة ذات عواطف ومشاعر وحساسية مرهفة، وهي تحب من الرجل مثل ما يحب هو منها، كما قال تعالى:{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[البقرة ٢٢٨/ ٢]
وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيما رواه ابن عساكر عن علي:«خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي»
وكان من أخلاقه صلّى الله عليه وسلّم أنّه جميل العشرة، دائم البشر، يداعب أهله، ويتلطف بهم، ويوسعهم نفقته، ويضاحك نساءه، حتى إنه كان يسابق عائشة رضي الله عنها يتودد إليها بذلك، ويجمع نساءه كل ليلة في بيت التي يبيت عندها، فيأكل معهن العشاء في بعض الأحيان ثم تنصرف كل واحدة إلى منزلها، وكان إذا صلى العشاء يدخل منزله يسمر مع أهله قليلا قبل أن ينام، يؤانسهم بذلك صلّى الله عليه وسلّم، وقد قال الله تعالى: {لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ