للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المناسبة:

بعد بيان الشبهات الثلاث المتقدمة للمشركين وهي: {إِنْ هَذا إِلاّ إِفْكٌ افْتَراهُ} {وَقالُوا: أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ} {مالِ هذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ} الآية، وبعد الجواب عن الشبهة الثالثة بجوابين: أولهما- {اُنْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ} وثانيهما- {تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ} بعد ما ذكر، أجاب الله تعالى بجواب ثالث عن تلك الشبهة بقوله: {بَلْ كَذَّبُوا بِالسّاعَةِ.}. أي إن تقولهم عليك أيها الرسول مصدره تكذيبهم بالبعث، وعدم تصديقهم بالثواب والعقاب.

أو أنه عطف على ما حكي عنهم، ثم قال: بل أتوا بأعجب من ذلك كله، وهو تكذيبهم بالساعة.

التفسير والبيان:

{بَلْ كَذَّبُوا بِالسّاعَةِ} أي إن موقف هؤلاء المشركين منك أيها الرسول بالتكذيب والعناد، لا بالتبصر والاسترشاد، والتقول عليك بالأباطيل، ناشئ من تكذيبهم بيوم القيامة، فذلك هو الذي يحملهم على ما يقولونه من تلك الأقوال الساقطة؛ لأن من لا يوقن بالقيامة، ولا بالحساب والجزاء يتورط‍ بسرعة في الاتهام دون تقدير للمسؤولية، ولا تأمل في عواقب الأمور، ولا انتفاع بالأدلة التي ترشده إلى التعقل والتبصر بما يقول، فهذا أعجب من كل ما صدر منهم.

{وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسّاعَةِ سَعِيراً} أي هيأنا وأرصدنا لمن كذب بالقيامة وما فيها من حساب وجزاء، نارا مستعرة شديدة الالتهاب، وعذابا أليما حارا في نار جهنم. والسعير: مذكر، ولكن جاء هنا مؤنثا لعود الضمير بالتأنيث في قوله تعالى: {رَأَتْهُمْ} وقوله {سَمِعُوا لَها} وإنما جاء مؤنثا على معنى النار.

ودلت الآية على أن النار مخلوقة؛ لأن {أَعْتَدْنا} أعددنا إخبار عن فعل

<<  <  ج: ص:  >  >>