عامة يسبح تسبيحا لا يسمعه البشر ولا يفقهه، لأن الآية تنطق بأن هذا التسبيح لا يفقه. وثبت في السنة أنه يخفف على الأموات بالأشجار في حديث الصحيحين عن ابن عباس مرفوعا المتضمن تعذيب صاحبي القبرين بسبب عدم الاستنزاه من البول والنميمة. قال القرطبي: وإذا خفف عنهم بالأشجار فكيف بقراءة الرجل المؤمن القرآن؟! فالثابت أنه يصل إلى الميت ثواب ما يهدى إليه.
وهو رأي المذاهب الأربعة.
أخرج أحمد وابن مردويه عن ابن عمر: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إن نوحا عليه السلام لما حضرته الوفاة قال لابنيه: آمر كما بسبحان الله وبحمده، فإنها صلاة كل شيء، وبها يرزق كل شيء».
والخلاصة:
إن الرازي وجماعة يرون أن تسبيح الجمادات مجاز وهو تسبيح الدلالة، وأن القرطبي وآخرين يرون أن كل شيء من الموجودات على الصحيح يسبح، للأخبار الدالة عليه، ولو كان ذلك التسبيح تسبيح دلالة فأي تخصيص لداود؟ كما حكى القرآن:{وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوّابٌ، إِنّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ}[ص ١٧/ ٣٨ - ١٨] وإنما ذلك تسبيح المقال بخلق الحياة والإنطاق بالتسبيح، وقد نصت السنة على ما دلّ عليه ظاهر القرآن من تسبيح كل شيء، فالقول به أولى.
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم-فيما رواه ابن ماجه ومالك عن أبي سعيد الخدري-: «لا يسمع صوت المؤذن جنّ ولا إنس ولا شجر ولا حجر ولا مدر ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة».
٥ - من صفات الله السامية أنه حليم عن ذنوب عباده في الدنيا، غفور للمؤمنين في الآخرة إذا تابوا وأنابوا إليه، وحلمه أنه لا يعاجل المشركين بالعقوبة على غفلتهم وسوء نظرهم وجهلهم بالتسبيح والشرك.