للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استكبارهم عن الحق، وإبائهم النظر في آيات القرآن، كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ} [غافر ٦٠/ ٤٠] أي صاغرين.

فقه الحياة أو الأحكام:

أرشدت الآيات إلى ما يأتي:

١ - هذه تسلية أخرى من الله تعالى لرسوله صلّى الله عليه وسلم بعد قوله المتقدم: {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ} أي فلا تحزن ولا تتألم لما يردده الكفار على لسان الشيطان، فقد أصاب مثل هذا من قبلك من المرسلين والأنبياء.

٢ - الآية تدل على إحكام الوحي وحفظ‍ كتاب الله تعالى وحراسته من أقاويل الشيطان وأباطيله وخرافاته، فإنه إذا ألقى شيئا من الكلام في ثنايا آيات القرآن الكريم أو حديث النبي صلّى الله عليه وسلم في نفسه، فيبطل الله ما ألقى الشيطان، ويحكم آياته ويثبتها.

فقوله تعالى {تَمَنّى} و {أُمْنِيَّتِهِ} أي قرأ وتلا، وقراءته. وروى البخاري عن ابن عباس في ذلك: إذا حدّث-أي النبي-ألقى الشيطان في حديثه، فيبطل الله ما يلقي الشيطان. والمعنى: أن النبي صلّى الله عليه وسلم كان إذا حدّث نفسه، ألقى الشيطان في حديثه على جهة الحيلة، فيقول: لو سألت الله عز وجل أن يغنّمك ليتسع المسلمون؛ ويعلم الله عز وجل أن الصلاح في غير ذلك، فيبطل ما يلقي الشيطان، أي أن المراد حديث النفس. قال النحاس: وهذا من أحسن ما قيل في الآية وأعلاه وأجله.

٣ - إن في إلقاء الشيطان حكمة وهو أن يجعل فتنة أي ابتلاء واختبارا لفئتين هما المنافقون والمشركون، وهم الظالمون أنفسهم، والظالمون أي الكافرون لفي خلاف وعصيان ومشاقة لله عز وجل ولرسوله صلّى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>