للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموت، بغتة أي فجأة من غير أن يشعروا، أو يأتيهم عذاب يوم عقيم، أي يوم القيامة أو يوم حرب مدمرة كيوم بدر. وجعل الساعة غاية لكفرهم وأنهم يؤمنون عند أشراط‍ الساعة على وجه الإلجاء. وإنما وصف يوم القيامة بالعقيم لأنه لا يأتي بعده ليل، ووصف يوم الحرب بالعقيم لأن أولاد النساء يقتلون فيه، فيصرن كأنهن عقم لم يلدن، أو لأن المقاتلين يقال لهم: أبناء الحرب، فإذا قتلوا وصف هذا اليوم بأنه عقيم، على سبيل المجاز. قال ابن كثير: القول الأول هو الصحيح، وإن كان يوم بدر من جملة ما أوعدوا به، ولهذا قال: {الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلّهِ، يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ}.

والمراد بالآية أن الكفار ما يزالون على كفرهم لا يؤمنون حتى يهلكوا.

{الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ} أي السلطان والتصرف يوم القيامة يوم الجزاء والثواب والعقاب لله الواحد القهار، يقضي بينهم بالحق، وهو الحكم العدل جل شأنه، كما قال تعالى: {مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة ٤/ ١] وقال عز وجل:

{الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ، وَكانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً} [الفرقان ٢٦/ ٢٥].

ونتيجة الحكم تظهر ببيان جزاء كل من الفريقين، فقال تعالى:

{فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ فِي جَنّاتِ النَّعِيمِ} أي فالذين آمنت قلوبهم وصدقوا بالله ورسوله وبالقرآن، وعملوا بمقتضى ما علموا من الأعمال الصالحة بإطاعة أوامره تعالى واجتناب نواهيه، وتوافق قلوبهم وأقوالهم وأعمالهم، لهم جنات النعيم المقيم الذي لا يحول ولا يزول.

{وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا، فَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ} أي والذين كفرت قلوبهم بالحق وجحدته، وكذبوا بالقرآن وبالرسول، وخالفوا الرسل، واستكبروا عن اتباعهم، فأولئك لهم عند ربهم عذاب مذلّ مخز، مقابل

<<  <  ج: ص:  >  >>