الاستهلاكية، إذ لا يجوز الاقتراض بفائدة إلا لضرورة قصوى، وهي الحالة التي يغلب على الظن فيها الوقوع في الهلاك أو التسيب في الشارع ونحو ذلك من الحالات النادرة التي لا تنطبق على ما يدعيه أصحاب المعامل والمحلات التجارية من ضرورات، وهم يقصدون بذلك إما توسيع دائرة العمل والنشاط، أو دعم المصنع بآلات حديثه مثلا، وكل هذه المزاعم لا تدخل في دائرة الضرورة بحسب ضوابطها الشرعية، ولا تحل الحرام القطعي التحريم.
والربا حرام ويبطل ما قبض منه، ولا يجوز أخذ ما زاد على أصل رأس المال، قلّ أو كثر، وقد دلت الآية على ذلك:{وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ} ودلت أيضا على أن أكل الربا والعمل به من الكبائر، لكونه سببا في معاداة الله ورسوله، جاء رجل إلى مالك بن أنس رضي الله عنه، فقال:
يا أبا عبد الله، إني رأيت رجلا سكرانا يتعاقر، يريد أن يأخذ القمر، فقلت:
امرأتي طالق إن كان يدخل جوف ابن آدم أشرّ من الخمر، فقال: ارجع حتى أنظر في مسألتك. فأتاه من الغد، فقال له: ارجع حتى أنظر في مسألتك، فأتاه من الغد، فقال له: امرأتك طالق، إني تصفحت كتاب الله وسنة نبيه، فلم أر شيئا أشرّ من الربا، لأن الله أذن فيه بالحرب.
وسبيل التوبة مما بيد الإنسان من الأموال الحرام إن كانت من ربا، فليردّها على من أربى عليه، ويطلبه إن لم يكن حاضرا، فإن أيس من وجوده فليتصدق بذلك عنه. وإن أخذه بظلم فليفعل كذلك في أمر من ظلمه.
الموضوع الثالث-نظرية الميسرة:
لما حكم جل وعز لأرباب الربا برؤوس أموالهم عند المدينين، حكم في ذي العسرة بالانتظار إلى حال الميسرة، وذلك أن ثقيفا لما طلبوا أموالهم التي لهم على بني المغيرة، شكوا-أي بنو المغيرة-العسرة، كما بينا في سبب النزول، وقالوا: