الذين يتوب الله عليهم إذا تابوا، وأدوا ما حملوه من الأمانات من العبادة وغيرها؛ لأن الله غفور لذنوبهم، كثير الرحمة بهم.
والآية دليل على أن الله أعلم الإنسان بأنه غفور رحيم، وبصره بنفسه فرآه ظلوما جهولا، ثم عرض عليه الأمانة، فقبلها مع ظلمه وجهله، لعلمه بما يجبرها من الغفران والرحمة. والمعنى أن هناك مرضا جبليا في الإنسان، وأن هناك علاجا ودواء لهذا المرض وهو سعة المغفرة وكثرة الرحمة الإلهية إذا تعرض الإنسان لهما في الجملة بالتوبة والإنابة والطاعة.
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآيات على ما يأتي:
١ - ختمت السورة المشتملة على الأحكام بأمر إجمالي هو وجوب التزام الأوامر الإلهية، والآداب الشرعية السامية، والمواعظ الرائعة.
٢ - الأمانة تشمل جميل تكاليف الشرع ووظائف الدين، على الصحيح من الأقوال، وهو قول الجمهور، ومنها الفرائض التي ائتمن الله عليها العباد، وليست التكاليف سهلة هينة، وإنما هي من عظائم الأمور التي ناءت بحملها السموات والأرض والجبال.
روى الحكيم الترمذي عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «قال الله تعالى لآدم: يا آدم، إني عرضت الأمانة على السموات والأرض، فلم تطقها، فهل أنت حاملها بما فيها؟ فقال: وما فيها يا رب؟ قال: إن حملتها أجرت، وإن ضيّعتها عذّبت، فاحتملها بما فيها، فلم يلبث في الجنة إلا قدر ما بين صلاة الأولى إلى العصر، حتى أخرجه الشيطان منها».
٣ - العرض على السموات والأرض والجبال إما مجاز، وإما حقيقة، وإما