{وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاّ قَلِيلاً} أي وإذا أخرجوك لا يبقون بعد إخراجك إلا زمانا قليلا، فإن الله مهلكهم، وحدث هذا الوعيد كما قال، فقد أهلكهم الله ببدر بعد إخراجه بقليل، وهو ثمانية عشر شهرا بعد الهجرة أو الإخراج.
{سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا.}. أي هكذا عادتنا في الذين كفروا برسلنا وآذوهم أن يأتيهم العذاب، بخروج الرسول من بينهم، فكل قوم أخرجوا رسولهم من بين ظهرانيهم، فسنة الله أن يهلكهم، ولولا أنه صلّى الله عليه وآله وسلّم الرحمة المهداة، لجاءهم من النقم في الدنيا ما لا قبل لأحد به، قال تعالى:{وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ}[الأنفال ٣٣/ ٨].
{وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلاً} أي لا تغيير لسنة الله ونظامه وعادته، ولا خلف في وعده.
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدتنا الآيات إلى العبر والعظات والأحكام التالية:
١ - تعرض النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لأنواع شتى من مكائد المشركين في مكة وألوان خداعهم ومساوماتهم، ومن أخطرها محاولات افتراء تغيير الوحي وتبديله، وإخراجه وطرده من مكة موطنه الأصلي.
أما محاولة تبديل الوحي وإقرارهم على شيء من قواعد شركهم وجاهليتهم فباءت بالفشل والخيبة، ولم يتم لهم ما أرادوا، لا قليلا ولا غيره بتأييد الله وعصمته.
وأما محاولة الإخراج من مكة فتم لهم مرادهم حينما أمره الله بالخروج، ولكنهم بعدها تعرضوا للقتل في بدر، وإلى فتح مكة موطنهم، وإسلام بعض