{دِينِ اللهِ} أي الإسلام. {أَفْواجاً} جماعات كثيفة، كأهل مكة والطائف واليمن والهوازن وسائر قبائل العرب، جمع فوج: وهو الجماعة والطائفة. وقد دخلت الجماعات في الإسلام بعد ما كان الدخول فيه فرديا واحدا بعد الآخر، وذلك بعد فتح مكة، جاءه العرب من مختلف الأنحاء طائعين. {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} أي نزّه الله وصل له حامدا على نعمه، روي: أنه عليه السلام لما دخل مكة بدأ بالمسجد، فدخل الكعبة، وصلّى ثماني ركعات. {وَاسْتَغْفِرْهُ} اسأله المغفرة لك ولمن اتبعك، وطلب الاستغفار من النبي كان لترك الأفضل، وليقتدي به غيره، ولم يكن بسبب ارتكاب معصية أو ذنب.
وكان صلّى الله عليه وسلّم بعد نزول هذه السورة يكثر من قول:«سبحان الله وبحمده، وأستغفر الله وأتوب إليه». وعلم بذلك أنه قد اقترب أجله، فتوفي بعد فتح مكة بعامين سنة عشر.
التفسير والبيان:
{إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} أي إذا تحقق لك يا محمد نصر الله وعونه وتأييده على من عاداك وهم قريش، وفتح عليك مكة، وتحققت لك الغلبة، وإعزاز أمرك، فسبّح الله تعالى أي نزهه حامدا له جل وعلا زيادة في عبادته والثناء عليه لزيادة إنعامه عليك. وفائدة قوله:{نَصْرُ اللهِ} مع أن النصر لا يكون إلا من الله: هو أنه نصر لا يليق إلا بالله، ولا يليق أن يفعله إلا الله، أو لا يليق إلا بحكمته. والمراد تعظيم هذا النصر. وقوله:{جاءَ نَصْرُ اللهِ} مجاز، أي وقع نصر الله.
روى الإمام أحمد والبيهقي والنسائي عن ابن عباس قال: لما نزلت {إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «نعيت إلي نفسي» فإنه مقبوض في تلك السنة.
خير، وأنا وأصحابي خير»، و
قال فيما رواه الجماعة إلا ابن ماجه عن ابن عباس:
«لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية».
وأخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عن ابن عباس: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال يوم الفتح: «لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا».