أنفة من اتباعه، ولفرط عنادهم واستكبارهم {كَذلِكَ سَلَكْناهُ} أدخلناه، أي مثل إدخالنا التكذيب به أدخلنا التكذيب به في قلوب المجرمين أي كفار مكة بقراءة النبي صلّى الله عليه وسلم، وضمير أدخلناه عائد للكفر المدلول عليه بقوله:{ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ} وهو يدل على أن الكفر بخلق الله تعالى، وقيل: يعود الضمير للقرآن، أي أدخلناه في قلوبهم، فعرفوا معانيه وإعجازه، ثم لم يؤمنوا به عنادا. {حَتّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ} الملجئ إلى الإيمان.
{بَغْتَةً} فجأة في الدنيا والآخرة {لا يَشْعُرُونَ} بإتيانه {مُنْظَرُونَ} مؤخرون لنؤمن به، ويقولون ذلك تحسرا وتأسفا {أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ}؟ فيقولون:{فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ}[الأنفال ٣٢/ ٨]، {فَأْتِنا بِما تَعِدُنا}[الأعراف ٧٠/ ٧ وهود ٣٢/ ١١ والأحقاف ٢٢/ ٤٦]{أَفَرَأَيْتَ} أخبرني {ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ} من العذاب {ما أَغْنى عَنْهُمْ}{ما} استفهامية بمعنى أي شيء، أو نافية، أي لم يغن عنهم تمتعهم المتطاول في دفع العذاب أو تخفيفه.
{لَها مُنْذِرُونَ} رسل تنذر أهلها إلزاما للحجة {ذِكْرى} تذكرة وعظة لهم {وَما كُنّا ظالِمِينَ} في إهلاكهم بعد إنذارهم. وهو رد لقول المشركين {وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ} أي بالقرآن {الشَّياطِينُ} كما زعم المشركون أنه من قبيل ما تلقي الشياطين على الكهنة {وَما يَنْبَغِي لَهُمْ} أي ما يتيسر ولا يتسنى ولا يصح لهم أن يتنزلوا به {وَما يَسْتَطِيعُونَ} أي ما يقدرون على ذلك {إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ} لكلام الملائكة {لَمَعْزُولُونَ} أي لممنوعون بالشهب؛ لأن نفوسهم خبيثة شريرة بالذات لا تقبل ذلك.
سبب النزول:
نزول الآية (٢٠٥)
{أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ..}.:
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي جهضم قال:
«رئي النبي صلّى الله عليه وسلم، كأنه متحير، فسألوه عن ذلك، فقال: ولم، ورأيت عدوي يكون من أمتي بعد؟ فنزلت:{أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ، ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ، ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ} فطابت نفسه».
المناسبة:
بعد أن ذكر الله تعالى قصص الأنبياء تسلية لرسوله، ووعدا له بالفوز