{وَلَقَدْ صَرَّفْنا لِلنّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ} أي لقد بينا للناس، ورددنا البيان وكررناه على وجوه مختلفة، وألوان متعددة، وعبارات متنوعة، مرة بالإيجاز، وأخرى بالإطناب، وذكرنا لهم الحجج والبراهين القاطعة، وأوضحنا الحق وشرحناه، وأتينا بالآيات والعبر، والترغيب والترهيب، والأوامر والنواهي، والحكم والتشريع، وقصص الأولين، والجنة والنار والقيامة، للعظة والعبرة.
فقوله {مِنْ كُلِّ مَثَلٍ} أي من كل معنى، هو كالمثل في غرابته وحسنه ومع ذلك {فَأَبى أَكْثَرُ النّاسِ إِلاّ كُفُوراً} أي فأبى أكثر الناس، أي أهل مكة وأمثالهم إلا جحودا وإنكارا للحق، وردا للصواب، وبقاء على الكفر.
فقه الحياة أو الأحكام:
تبين الآيات مدى فضل الله ونعمته على نبيه بإنزال القرآن عليه وحفظه في صدره وتثبيته في المصاحف، وانتفاع أمته به إلى يوم القيامة. وكما أن الله قادر على إنزاله، قادر على إذهابه حتى ينساه الخلق، ولكن لم يشأ الله ذلك رحمة منه بعباده.
ومن فضل الله على نبيه أيضا أن جعله سيد ولد آدم، وأعطاه المقام المحمود، كما أعطاه الكتاب العزيز.
والقرآن هو المعجزة الباقية، والحجة الدائمة التي تحدى الله بها العرب كلهم، فعجزوا عن الإتيان بمثله، وهم فرسان الفصاحة، وأئمة البلاغة والبيان، ولم تنقصهم ثقافة الحياة بدليل المأثور عنهم في الجاهلية من الحكم والمعاني والقيم الإنسانية في النثر والخطابة والشعر.
فو الله لئن تعاونوا مع البشر قاطبة ومع الجن، وكان بعضهم لبعض معينا ونصيرا، كما يتعاون الشعراء على بيت شعر، لا يستطيعون الإتيان بمثل القرآن،