بأصحابه، فحلفوا بالله ما قالوا، فتجاوز عنهم، فأنزل الله:{يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا} الآية».
والخلاصة: إنه عليه الصّلاة والسّلام أقام في غزوة تبوك شهرين، ينزل عليه القرآن، ويعيب المتخلّفين، فنطق بعضهم بكلمة الكفر التي لم تذكر في القرآن، لئلا يتعبّد المسلمون بتلاوتها، فاختلف الرّواة فيها، كما ذكر، ولا مانع من تعدّد أسباب النّزول.
نزول:{وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا}:
قال الضّحّاك: همّوا أن يدفعوا ليلة العقبة، وكانوا قوما قد أجمعوا على أن يقتلوا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم، وهم معه يلتمسون غرّته حتى أخذ في عقبة، فتقدّم بعضهم وتأخّر بعضهم، وذلك كان ليلا، قالوا: إذا أخذ في العقبة دفعناه عن راحلته في الوادي، وكان قائده في تلك الليلة عمار بن ياسر، وسائقه حذيفة، فسمع حذيفة وقع أخفاف الإبل، فالتفت فإذا هو بقوم متلثّمين، فقال: إليكم يا أعداء الله فأمسكوا، ومضى النّبي صلّى الله عليه وآله وسلم حتى نزل منزله الذي أراد، فأنزل الله تعالى:{وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا}(١).
المناسبة:
بعد أن قارن الله تعالى صفات المؤمنين مع صفات المنافقين، وقابل بين جزاء كل من الفريقين، عاد مرة أخرى إلى تهديد الكفار والمنافقين وإنذارهم بالجهاد، وأبان أسبابه من إظهار الكفر، وحلف الأيمان الكاذبة، وقول كلمات فاسدة، ثم فتح لهم باب الأمل وهو التوبة، وهددهم بالعذاب الأليم إن أصروا على الكفر.
(١) أسباب النزول، المرجع السابق: ص ١٤٥، تفسير الرّازي، المرجع السابق.