{أَوْلِياءَ} مفرده ولي وهو النصير والمعين. {وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ} أي يواليهم. {فَلَيْسَ مِنَ اللهِ} أي ليس من دين الله في شيء. {إِلاّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً} مصدر تقية، أي تخافوا مخافة، فلكم موالاتهم باللسان دون القلب. وهذا في حال ضعف المسلم بأن يكون في بلد ليس قويا فيها. {وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ} يخوّفكم الله أن يغضب عليكم إن واليتموهم. {وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ} المرجع، فيجازيكم. {مُحْضَراً} حاضرا لديها. {أَمَداً بَعِيداً} الأمد: المدة التي لها حدّ محدود، والمراد: غاية في نهاية البعد، فلا يصل إليها. {وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ} كرر للتأكيد.
سبب النزول:
نزول الآية (٢٨):
أخرج ابن جرير الطبري عن ابن عباس قال: كان الحجاج بن عمرو حليف كعب بن الأشرف، وابن أبي الحقيق، وقيس بن زيد-وهؤلاء كانوا من اليهود-قد بطنوا (لازموا) بنفر من الأنصار، ليفتنوهم عن دينهم، فقال رفاعة بن المنذر، وعبد الله بن جبير، وسعيد بن خيتمة لأولئك النفر: اجتنبوا هؤلاء النفر من يهود، واحذروا مباطنتهم (ملازمتهم)، لا يفتنوكم عن دينكم، فأبوا، فأنزل الله فيهم:{لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ.}. الآية.
أي أن هذه الآية نزلت في جماعة من المؤمنين كانوا يوالون رجالا من اليهود، فحذرهم جماعة من المؤمنين من تلك الموالاة أو المخالطة والمصاحبة، فأبوا النصيحة، وظلّوا على ملازمة اليهود ومباطنتهم، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وروي أيضا عن ابن عباس: نزلت في عبادة بن الصامت الأنصاري البدري النقيب، وكان له حلفاء من اليهود، فلما خرج النّبي صلّى الله عليه وسلّم يوم الأحزاب، قال عبادة: يا نبي الله، إن معي خمسمائة رجل من اليهود، وقد رأيت أن يخرجوا معي، فأستظهر بهم على العدو، فأنزل الله تعالى:{لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ} الآية.