{فَاتَّقُونِ} فيه التفات عن الغيبة إلى خطاب المستعجلين.
المفردات اللغوية:
{أَتى أَمْرُ اللهِ} قرب ودنا، أي أن الأمر الموعود به بمنزلة الأتي المتحقق من حيث إنه واجب الوقوع، فلا تستعجلوا وقوعه فإنه لا خير لكم فيه ولا خلاص لكم عنه وإنه واقع لا محالة. ويقال في العادة لما يجب وقوعه: قد أتى، وقد وقع. و {أَمْرُ اللهِ} تعذيبه الكافرين وعقابه لمن أقام على الشرك وتكذيب رسوله {سُبْحانَهُ} تنزيها له عن الشريك. {الْمَلائِكَةَ} أي جبريل {بِالرُّوحِ} الوحي أو القرآن، فإنه يحيي القلوب الميتة بالجهل، أو يقوم في الدين مقام الروح في الجسد {مِنْ أَمْرِهِ} بأمره وإرادته {أَنْ} مفسرة {أَنْذِرُوا} خوّفوا بالعذاب {فَاتَّقُونِ} خافوا عقابي، لمخالفة أمري وعبادة غيري.
سبب النزول:
كان المشركون يستعجلون ما أوعدهم الرسول صلّى الله عليه وسلّم من قيام الساعة، أو إهلاك الله تعالى إياهم، كما فعل يوم بدر استهزاء وتكذيبا، ويقولون: إن صح ما يقوله فالأصنام نشفع لنا وتخلصنا منه فنزلت. أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: لما نزلت: {أَتى أَمْرُ اللهِ} ذعر أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى نزلت: {فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ} فسكنوا.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوايد الزهد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن أبي بكر بن أبي حفص قال لما نزلت:{أَتى أَمْرُ اللهِ} قاموا، فنزلت:
{فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ}.
فموضوع الآية الأولى إعلان أن الأمر الموعود به وهو قيام الساعة متحقق حادث لا محالة، وأنه تعالى منزه عن الشريك والولد. وموضوع الآية الثانية الإخبار بأن نزول الوحي بواسطة الملائكة، والتنبيه على التوحيد الذي هو