للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكل ناظر عاقل متأمل، كما قال تعالى: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ، فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ} [الأنبياء ١٨/ ٢١].

فقه الحياة أو الأحكام:

تدل هذه الآية على جواز تسمية الكافر ملكا إذا آتاه الله الملك والعزّ والرّفعة في الدنيا، وتدل أيضا على جواز أن ينعم الله على الكافرين في الدنيا، ثم يحرم منها في الآخرة، ولا يجد إلا النار. وتدل على إثبات المناظرة وصحة المجادلة في الدين وإقامة الحجة، وفي القرآن والسنة مواقف كثيرة من هذا الجدال، كما في قصة نوح عليه السلام مثلا: {قالُوا: يا نُوحُ قَدْ جادَلْتَنا فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا} [هود ٣٢/ ١١ - ٣٥] إلى قوله: {وَأَنَا بَرِيءٌ مِمّا تُجْرِمُونَ}، لأن الجدال في الدّين لا يظهر فيه الفرق بين الحق والباطل إلا بظهور حجة الحق ودحض حجة الباطل. وجادل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أهل الكتاب، وباهلهم (١) بعد بيان الحجة.

وتجادل أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم السقيفة وتدافعوا وتناظروا حتى صدر الحق في أهله، ثم تناظروا أيضا بعد مبايعة أبي بكر في أهل الردة، إلى غير ذلك مما يكثر إيراده.

وفي قول الله عز وجل: {فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ} [آل عمران ٦٦/ ٣] دليل على أن الاحتجاج بالعلم مباح شائع لمن تدبر.

وأدب المجادلة محدد مرسوم في القرآن الكريم في قوله تعالى: {اُدْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ، وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل ١٢٥/ ١٦].


(١) المباهلة: الملاعنة، ومعنى المباهلة: أن يجتمع القوم إذا اختلفوا في شيء، فيقولوا: لعنة الله على الظالم منا.

<<  <  ج: ص:  >  >>