جهته. {وَمِنْ قَبْلُ} هذا. {ما فَرَّطْتُمْ} قصرتم في شأنه، و {فَلَمَّا} زائدة أو مصدرية في موضع نصب بالعطف على مفعول: تعلموا، ولا بأس بالفصل بين العاطف والمعطوف بالظرف، أو معطوف على اسم أن، وخبره:{فِي يُوسُفَ}. ويصح كونه مبتدأ وخبره: من قال قال البيضاوي: وفيه نظر: لأن قبل إذا كان خبرا، أو صلة، لا يقطع عن الإضافة، حتى لا ينقص. ويصح أن تكون موصولة، أي ما فرطتموه بمعنى: ما قدمتموه في حقه من الخيانة.
{فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ} لن أفارق أرض مصر {حَتّى يَأْذَنَ لِي أَبِي} بالعودة أو الرجوع إليه {أَوْ يَحْكُمَ اللهُ لِي} أو يقضي الله لي بخلاص أخي {وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ} أعدلهم؛ لأن حكمه لا يكون إلا بالحق.
{وَما شَهِدْنا إِلاّ بِما عَلِمْنا} وما شهدنا عليه إلا بما تيقنا من مشاهدة الصاع في رحله واستخراجه من وعائه {وَما كُنّا لِلْغَيْبِ} لما غاب عنا وهو باطن الحال، حين إعطاء الموثق {حافِظِينَ} أي فلا ندري أنه سرق، أو ما كنا للعواقب عالمين، فلم ندر حين أعطيناك الموثق أنه سيسرق.
{وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ.}. واسأل أهل مصر {وَالْعِيرَ} أصحاب الإبل {الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها} وهم قوم من كنعان {وَإِنّا لَصادِقُونَ} في قولنا، فرجعوا إليه، وقالوا له ذلك {سَوَّلَتْ} زينت {أَمْراً} ففعلتموه، اتهمهم لما سبق منهم من أمر يوسف {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} أي صبري صبر جميل {أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ} يوسف وأخويه {الْعَلِيمُ} بحالي {الْحَكِيمُ} في صنعه.
{وَتَوَلّى عَنْهُمْ} أعرض عنهم تاركا خطابهم {يا أَسَفى} يا حزني {وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ} انمحق سوادهما وتبدل بياضا من بكائه {مِنَ الْحُزْنِ} عليه {كَظِيمٌ} مملوء غيظا، مغموم مكروب لا يظهر كربه {تَاللهِ تَفْتَؤُا} لا تفتأ أي لا تزال تذكره تفجعا عليه {حَتّى تَكُونَ حَرَضاً} مريضا مشرفا على الهلاك، لطول مرضك، وهو مصدر يستوي فيه الواحد والجمع والمذكر والمؤنث {الْهالِكِينَ} الموتى.
{قالَ} يعقوب لهم {بَثِّي} هو عظيم الحزن الذي لا يصبر عليه حتى يبث إلى الناس من.
البث: وهو النشر {وَحُزْنِي إِلَى اللهِ} لا إلى غيره، فهو الذي تنفع الشكوى إليه، فخلوني وشكايتي {وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ} من أن رؤيا يوسف صدق وهو حي، وأعلم من الله أي من صنعه ورحمته فإنه لا يخيب داعيه {فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ} اطلبوا خبرهما {وَلا تَيْأَسُوا} تقنطوا {مِنْ رَوْحِ اللهِ} رحمته وفرجه.