{ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى، لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى} أي ما مال بصر النبي صلى الله عليه وسلم عما رآه، وما تجاوز ما رأى، فرؤية جبريل وغيره من مظاهر ملكوت الله رؤية عين، وليست من خدع البصر، وهذا يؤكد أن المعراج كان بالروح والجسد.
لقد رأى في ليلة المعراج من آيات ربه العظام ما لا يحيط به الوصف، وهو جبرائيل على صورته، وسائر عجائب الملكوت. وهذا كقوله تعالى:{لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا}[الإسراء ١/ ١٧] دون تحديد المرئي للإشارة إلى تعظيمه وتفخيمه وأهميته. روى البخاري وغيره عن ابن مسعود أنه قال في الآية: رأى رفرفا أخضر من الجنة قد سدّ الأفق (١). وعن ابن زيد: أنه رأى جبريل بالصورة التي هو بها.
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآيات على ما يأتي:
١ - لله تعالى أن يقسم بما شاء، على ما شاء، في أي وقت يشاء، وقد أقسم بالنجوم (على أن اللام للجنس) أو بالثريا (على أن اللام لتعريف العهد) والعرب تسمي الثّريا نجما، وإن كانت في العدد نجوما. وأقسم به وقت هويّه وغروبه لأنه الوقت الذي يستفاد منه لمعرفة الجهات، أما إذا كان في وسط السماء، فيكون بعيدا عن الأرض، لا يهتدي به الساري، فإذا مال إلى الغروب تبين جانب المغرب من المشرق، والجنوب من الشمال.
٢ - المقسم عليه الشهادة للنبي صلى الله عليه وسلم بأنه راشد تابع للحق ليس بضال، والضال: الذي يسير على غير هدى بغير علم، والغاوي: هو العالم بالحق العادل عنه قصدا إلى غيره، والضلال في مقابلة الهدى، والغي في مقابلة الرشد. وبه نزّه
(١) قال ابن عباس أيضا: رأي رفرفا أخضر سدّ أفق السماء.