للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} في الأسفار {قَدْ فَصَّلْنَا} بينا {الْآياتِ} الدلالات على قدرتنا {لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} يتدبرون.

{أَنْشَأَكُمْ} خلقكم {مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ} هي آدم {فَمُسْتَقَرٌّ} موضع قرار منكم في الرحم أو إقامة في الأرض، كما قال تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ} [البقرة ٣٦/ ٢، والأعراف ٢٤/ ٧] {وَمُسْتَوْدَعٌ} موضع الوديعة {لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ} الفقه: فهم الشيء مع التعمق في التفكير {فَأَخْرَجْنا بِهِ} بالماء {خَضِراً} أي نباتا أخضر {نُخْرِجُ مِنْهُ} من الخضر {حَبًّا مُتَراكِباً} يركب بعضه بعضا كسنابل الحنطة ونحوها {مِنْ طَلْعِها} الطلع: أول ما يبدوا ويظهر من زهر النخلة قبل أن ينشق عنه غلافه {قِنْوانٌ} عراجين، جمع قنو، وهو عذق الثمر، وهو من النخيل كالعنقود من العنب، والسنبلة من القمح {دانِيَةٌ} قريب بعضه من بعض، وقريب التناول {جَنّاتٍ} بساتين {مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ} أي متشابها في بعض الصفات كالورق، وغير متشابه في بعض آخر كالثمر، أي متشابه الورق والثمر وغير متشابه. {وَيَنْعِهِ} نضجه، أي حين يينع ويبدو نضجه واكتماله، والمراد: انظروا أيها المخاطبون نظر اعتبار إلى ثمره إذا أثمر (أول ما يبدو) كيف هو، وإلى نضجه إذا أدرك كيف يصبح {إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ} دلالات على قدرته تعالى على البعث وغيره {لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} خصوا بالذكر؛ لأنهم المنتفعون بها في الإيمان، بخلاف الكافرين.

المناسبة:

بعد أن أثبت الله تعالى التوحيد، وقرر أمر النبوة، وبعض أحوال البعث، عاد هنا إلى بيان بعض الأدلة الدالة على وجود الصانع، وهي تتلخص في الخلق والإيجاد، والإحياء والإماتة، والتقدير والتدبير لحركة الكواكب والنجوم وتقلب الليل والنهار.

التفسير والبيان:

عدّد الله تعالى في هذه الآيات بعض مظاهر قدرته الباهرة وحكمته البالغة، فبدأ بالنبات وأخبر أنه فالق الحب والنوى، أي يشقه بقدرته في التراب، فينبت منه الزرع على اختلاف أصنافه من الحبوب، والثمار على اختلاف ألوانها وأشكالها وطعومها، من النوى، لذا فسر قوله: {فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى} بقوله:

{يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ، وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ} أي يخرج النبات الحي

<<  <  ج: ص:  >  >>