{يَعْمَهُونَ} جملة فعلية في موضع نصب على الحال من «هم» في {يَمُدُّهُمْ} والعامل فيه الفعل، وهو «يمدّ» وتقديره: يمدهم عمهين، وإن شئت «عامهين» فقد قالوا: عمه، فهو عمه وعامه: إذا تحير.
البلاغة:
{اللهُ يَسْتَهْزِئُ} سمى الجزاء على الاستهزاء استهزاء بطريق المجاز أو المشاكلة: وهي اتفاق الجملتين في اللفظ مع الاختلاف في المعنى، أو هي مقابلة الكلام بمثله وإن لم يكن في معناه، كقوله تعالى:{وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها}[الشورى ٤٠/ ٤٢] والثانية ليست سيئة ولكنه لما قابل بها السيئة أجرى عليها اسمها، وقوله:{فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ}[البقرة ١٩٤/ ٢] والثاني ليس باعتداء. وقوله تعالى:{وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ}[النحل ١٢٦/ ١٦] والأول ليس بعقاب، وإنما هو على مقابلة اللفظ بمثله ومزاوجته له، وتقول العرب: الجزاء بالجزاء، والأول ليس بجزاء.
{اِشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى} استعارة تصريحية، استعار لفظ الشراء لاستبدال الغي بالرشاد، والكفر بالإيمان، فخسرت صفقتهم، ثم زاده توضيحا بقوله {فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ} وهذا هو الترشيح: وهو ذكر ما يلائم المشبه به.
المفردات اللغوية:
{خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ} انصرفوا إليهم أو انفردوا معهم، وشياطينهم: إخوانهم في الكفر ورؤساؤهم وكبراؤهم {مُسْتَهْزِؤُنَ} الاستهزاء: الاستخفاف والسخرية، وهذا فعل اليهود.
{اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} أي أنه سيجازيهم عليه بالإمهال، ثم بالنكال، على سبيل المشاكلة (اتفاق اللفظ واختلاف المعنى) ليزدوج الكلام، فيكون أخف على اللسان من المخالفة بينهما.
{يَمُدُّهُمْ} يزيدهم أو يمهلهم. {طُغْيانِهِمْ} تجاوزهم الحد وغلوهم في الكفر. {يَعْمَهُونَ} أي يتحيرون أو يعمون عن الرشد، من العمه: وهو ضلال البصيرة.
سبب نزول الآية ١٤:
أورد المفسرون أنها نزلت في عبد الله بن أبي وأصحابه المنافقين إذ امتدح أبا بكر وعمر وعليا بعد أن قال فيهم لأصحابه: انظروا كيف أردّ عنكم هؤلاء السفهاء؟ فنزلت الآية، لكن قال السيوطي: هذا الإسناد واه جدا.