الحديبية. {ذَرُونا} اتركونا. {نَتَّبِعْكُمْ} لنأخذ منها. {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللهِ} ويقرأ: كلم لله، أي يريدون أن يغيروا كلام الله، وهو وعده لأهل الحديبية أن يعوضهم عن مغانم مكة مغانم خيبر، فهم يريدون الشركة في المغانم دون أن ينصروا دين الله تعالى.
{لَنْ تَتَّبِعُونا} نفي في معنى النهي. {كَذلِكُمْ قالَ اللهُ مِنْ قَبْلُ} أي مثل ذلك قال الله من قبل استعدادهم للخروج إلى خيبر، وقبل عودنا. {بَلْ تَحْسُدُونَنا} أي تحسدوننا أن نصيب معكم شيئا من الغنائم. {لا يَفْقَهُونَ} لا يفهمون. {إِلاّ قَلِيلاً} إلا فهما قليلا وهو فهمهم لأمور الدنيا دون الدين. ومعنى الإضراب الأول. {بَلْ تَحْسُدُونَنا} رد منهم أن يكون حكم الله ألا يتبعوهم، وإثبات الحسد، والثاني:{بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ} رد من الله تعالى لذلك، وإثبات لجهلهم بأمور الدين.
{قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ} كرر ذكرهم بهذا الوصف مبالغة في الذم وإشعارا بشناعة التخلف. {سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ} أي أصحاب بأس شديد أي قوة في القتال، وهم بنو حنيفة أصحاب اليمامة، أو غيرهم من ارتدوا بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، أو فارس والروم. ولا دليل على التعيين. {تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ} أي يكون أحد الأمرين: إما المقاتلة أو الإسلام، لا غير.
{فَإِنْ تُطِيعُوا} في قتالهم {يُؤْتِكُمُ اللهُ أَجْراً حَسَناً} هو الغنيمة في الدنيا، والجنة في الآخرة. {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ} عن الحديبية. {أَلِيماً} مؤلما، لعظم جرمكم.
{لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ.}. أي إثم وذنب في ترك الجهاد، ويلاحظ أنه تعالى لما أوعد على التخلف، نفى الحرج عن أصحاب الأعذار (الأعمى والأعرج والمريض) استثناء لهم من الوعيد.
{وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ} فصّل الوعد وأجمل في الوعيد مبالغة في الوعد لسبق رحمته. {وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذاباً أَلِيماً} هذا تعميم بعد تفصيل الوعد، إذ الترهيب هنا أنفع من الترغيب.
سبب نزول الآية (١٧):
{لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى.}.: قال ابن عباس: لما نزلت: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ.}. الآية، قال أهل الزّمانة: كيف بنا يا رسول الله؟ فأنزل الله:{لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ.} ..