{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا..}. إن الله تعالى يقضي بين أهل الأديان المختلفة من المؤمنين بالله ورسله، واليهود، والنصارى، والمجوس، والمشركين الذين يعبدون مع الله غيره، ويحكم بينهم بالعدل، فيدخل من آمن به الجنة، ومن كفر به النار، فإنه تعالى شهيد على أعمالهم، حفيظ لأقوالهم وأفعالهم، عليم بسرائرهم، وما تكنّ ضمائرهم.
{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ..}. أي ألم تعلم أن الله تعالى يخضع ويسجد لعظمته كل شيء طوعا وكرها، وسجود كل شيء بما يختص به، فيسجد له من في السموات: وهو الملائكة، ومن في الأرض وهم الإنس والجن، والشمس والقمر والنجوم من العوالم العلوية، والشجر والدوابّ (الحيوانات كلها) من العالم السفلي، وكثير من الناس حقّ له الثواب أو يسجد لله طوعا مختارا متعبدا بذلك، أي ثبت وتقرر، وكثير حق عليه العقاب، ممن امتنع وأبى واستكبر.
وقد نص على هذه الأشياء؛ لأنها قد عبدت من دون الله، فأبان تعالى أنها تسجد لخالقها، وأنها مربوبة مسخرة منقادة لله تعالى.
ومن يهنه الله فيشقيه، أو من يهنه بالشقاء والكفر لسوء استعداده للإيمان، لا يقدر أحد على دفع الهوان عنه، ولا يسعده أحد؛ لأن الأمر بيده تعالى، يوفق من يشاء ويخذل من يريد.
إن الله تعالى يفعل في عباده ما يشاء من الإهانة والإكرام، لا رادّ لقضائه، ولا معقّب لحكمه.