{وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} أي أدخل يدك في جيب قميصك (١) فإذا أدخلتها وأخرجتها، خرجت بيضاء ساطعة، كأنها قطعة قمر، لها لمعان تتلألأ كالبرق الخاطف، من غير آفة بها كبرص وغيره.
ويلاحظ أن المعجزة الأولى كانت بتغيير ما في يده وقلبها من جماد إلى حيوان، والثانية بتغيير يده نفسها وجعلها ذات أوصاف نورانية.
{فِي تِسْعِ آياتٍ إِلى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ} أي هاتان المعجزتان أو الآيتان في جملة أو من تسع آيات أخرى أؤيدك بهن، وأجعلها برهانا لك، مرسلا بها إلى فرعون وقومه، كما قال:{وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ}[الإسراء ١٠١/ ١٧].
{إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ} أي لأنهم كانوا قوما عصاة خارجين عن دائرة الحق، بتأليه فرعون. وهذا تعليل لما سبق من تأييده بالمعجزات.
ثم كان اللقاء مع فرعون وقومه، فقال تعالى:
{فَلَمّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً قالُوا: هذا سِحْرٌ مُبِينٌ} أي فلما جاءت فرعون وقومه آياتنا التسع بينة واضحة ظاهرة دالة على صدق موسى وأخيه هارون، أنكروها وقالوا: هذا سحر واضح ظاهر، وأرادوا معارضته بسحرهم فغلبوا وانقلبوا صاغرين. وعبّر بقوله:{مُبْصِرَةً} للدلالة على أنها لفرط وضوحها
(١) هو الفتحة التي يدخل منها الرأس ثم يتدلى الثوب إلى الصدر والجسد.