للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإعراض عن الإيمان والإصرار عن الكفر هو التكبر، والكبر يصرف الإنسان عادة عن النظر في الحق ويؤدي إلى التكذيب به، ويجعل المتكبر غافلا عن آيات الله الدالة عليه.

التفسير والبيان:

سأمنع قلوب المتكبرين عن طاعتي والمتكبرين على الناس بغير حق من فهم الدلائل الدالة على عظمتي وشريعتي، كما قال تعالى: {فَلَمّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف ٥/ ٦١]. والمراد بآياتي هنا: الأدلة والبينات.

وهذا خطاب شامل كل أمة وفرد، مثل فرعون وقومه الذين منعهم الله من فهم آيات موسى، وقد يفهمون بعض الآيات ويجحدونها غرورا وتعاليا وتكبرا مثل قوم فرعون الذين قال الله فيهم: {وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا} [النمل ١٤/ ٢٧] ومثل كفار قريش الذين حجبهم الكبر عن النظر في الآيات مع يقينهم بصدق محمد.

هؤلاء المتكبرون من صفاتهم أولا-أنهم لا يؤمنون بأي آية تدل على الحق وتثبته؛ إذ لا تفيد الآيات إلا من كان مستعدا للفهم وقبول الحق، كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ، وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ} [يونس ٩٦/ ١٠ - ٩٧].

وثانيا-أنهم يبتعدون عن طريق الهدى والرشاد، وهي الطريق الممهدة المؤدية إلى النجاة، فإذا رأى أحدهم هذه السبيل لا يسلكها ويسلك غيرها، وهذا عن تعمد وعناد، وقد يكون بعضهم عن جهل، وحكم الفريقين واحد.

وثالثا-أنهم إذا ظهر لهم سبيل الغي والضلال والفساد، بادروا إليه مسرعين، بما تزينه لهم أهواؤهم ونفوسهم الأمارة بالسوء، وهذا سلوك شر مما سبقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>