لما ذكر الله تعالى أحوال أهل الجنة ذكر أحوال أهل النار أيضا، ليبين فضل المطيع على العاصي، ولما ذكر تعالى الوعد، أردفه بالوعيد، على الترتيب المستمر في القرآن، فبعد أن ذكر ما أعد لأهل الجنة المتقين من ألوان النعيم، ذكر ما أعد لأهل النار الكفار من العذاب الأليم وأسبابه وهي الكفر والمعاصي، مع إحباط مكائدهم ومؤامراتهم لرد الحق المنزل، وإعلامهم بأن الله عليم بذلك، والحفظة الملازمون لهم يكتبون كل ما بدر منهم من قول أو فعل، ليكون عنصر إثبات وحجة عليهم.
التفسير والبيان:
{إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ} أي إن الذين ارتكبوا الكفر بالله في دار الدنيا هم معذبون في عذاب النار، عذابا دائما، مخلّدون فيه أبدا.
{لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ، وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ} لا يخفف عنهم ذلك العذاب فترة أو لحظة ليستريحوا منه، وهم آيسون من النجاة ومن كل خير، حزينون أشد الحزن.
وسببه ما اقترفوا في الدنيا كما قال تعالى:
{وَما ظَلَمْناهُمْ، وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظّالِمِينَ} أي ما عذبناهم بغير ذنب، ولا زدناهم على ما يستحقونه، ولكنهم ظلموا أنفسهم بما ارتكبوا من الذنوب، وبما عملوا من الأعمال السيئة، حيث كفروا بالله ربهم، وكذبوا رسله وعصوا ما جاؤوا به، فجوزوا بذلك جزاء وفاقا، وما ربك بظلام للعبيد.
{وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ قالَ: إِنَّكُمْ ماكِثُونَ} أي ونادى المجرمون للتخلص مما هم فيه من العذاب الشديد: يا مالك-وهو خازن النار-