شيئا منسيا لا يذكر معدوما لا يعرف. {إِنّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ} أي جنس الإنسان. {نُطْفَةٍ} قليل من الماء. {أَمْشاجٍ} أخلاط جمع مشج ومشيج أي من اختلاط ماء الرجل وماء المرأة وامتزاجهما. {نَبْتَلِيهِ} نختبره بالتكليف أي مريدين اختباره عند التكليف والتأهل.
{فَجَعَلْناهُ} بسبب ذلك. {سَمِيعاً بَصِيراً} ليتمكن من مشاهدة الدلائل واستماع الآيات فهو كالمسبب من الابتلاء ولذلك عطف بالفاء على {نَبْتَلِيهِ}.
{إِنّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ} بيّنا له طريق الخير والهدى بإقامة الأدلة وإنزال الآيات وبعث الرسل.
التفسير والبيان:
{هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً} أي قد أتى على الإنسان (جنس الإنسان) زمن كان فيه منسيا غير موجود فلم يكن آدم وبنوه شيئا معروفا ولا مخلوقا ولا مذكورا لأحد من الخليقة المتقدمين عليه وهم الملائكة والجن. وهذا إخبار بكون الإنسان في بدء الخلق معدوما غير مخلوق والآية كالتقدمة والتوطئة للتي تعقبها وكالتأكيد لخاتمة السورة المتقدمة. وهي حقيقة لا ينكرها أحد ويؤكدها علماء طبقات الأرض الذين قالوا: لم يوجد الإنسان على الأرض إلا بعد خلقها بأحقاب طوال.
قال الفرّاء وثعلب: المعنى أنه كان جسدا مصوّرا ترابا وطينا لا يذكر ولا يعرف ولا يدرى ما اسمه ولا ما يراد به ثم نفخ فيه الروح فصار مذكورا.
والمراد بالإنسان هنا جنس بني آدم لقوله تعالى بعدئذ:{إِنّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ}.
ثم أخبر الله تعالى عن بدء تكاثر نوع الإنسان بعد خلق آدم عليه السلام فقال:{إِنّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً} أي إننا نحن الخالق الإله أوجدنا أو خلقنا ابن آدم من مني أو ماء قليل مختلط ممتزج بين ماءي الرجل والمرأة من يدين بهذا الخلق ابتلاءه أي اختباره بالخير