{أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} مجاز مرسل من إطلاق الجزء وإرادة الكلّ، والمراد عتق النفس.
المفردات اللغوية:
{بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ} اللغو الكائن في اليمين: وهو ما يسبق إليه اللسان من غير قصد الحلف، كقول الإنسان: لا والله، وبلى والله. {عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ} أي قصدتم اليمين أو حلفتم عن قصد، وتعقيد اليمين: المبالغة في توكيدها. {فَكَفّارَتُهُ} الكفارة من الكفر وهو السّتر والتّغطية، ثم صارت في الاصطلاح الشرعي اسما لما يزيل أثر اليمين من الذّنب والمؤاخذة عليه حال الحنث فيه.
{إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ} لكل مسكين مدّ (٦٧٥ غم). {مِنْ أَوْسَطِ} الوسط في الطعام والغالب في أقوات الناس، لا الأعلى ولا الأدنى. {أَوْ كِسْوَتُهُمْ} أي ما يسمى كسوة عرفا وعادة كقميص وعمامة ورداء وإزار، ولا يكفي في مذهب الشافعي دفع الكفارة إلى مسكين واحد بل لا بدّ من التّعدّد: ثلاثة فأكثر. {أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} عتق رقبة، ويشترط كونها عند الجمهور غير الحنفية مؤمنة كما في كفارة القتل والظهار، حملا للمطلق على المقيد. وهذه كفارة يمين الموسر.
{فَمَنْ لَمْ يَجِدْ} واحدا من خصال الكفارة المذكورة بأن كان معسرا معدما. {فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ} كفارته، وظاهره أنه لا يشترط التتابع، وهو مذهب المالكية والشافعية، واشترط الحنفية والحنابلة التتابع لقراءة ابن مسعود «متتابعات». {وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ} أن تنكثوها ما لم تكن على فعل بر أو إصلاح بين الناس، كما تقدّم في سورة البقرة. {كَذلِكَ} أي مثل ما بيّن لكم ما ذكر.
{يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ} أحكام شريعته. {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} أي لتشكروه على ذلك.
سبب النّزول:
روى ابن جرير الطبري عن ابن عباس قال: لما نزلت: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ} في القوم الذين كانوا حرموا النّساء واللحم على أنفسهم قالوا: يا رسول الله، كيف نصنع بأيماننا التي حلفنا عليها، فأنزل الله تعالى ذكره:{لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ} الآية. علّق الطّبري على ذلك بقوله: فهذا يدلّ على ما قلنا من أن القوم كانوا حرّموا ما حرموا على أنفسهم بأيمان حلفوا بها، فنزلت هذه الآية بسببهم (١).