المعاصرين للنّبي صلّى الله عليه وسلّم، لأنهم من سلالة السابقين، وهم معتزون بنسبهم، راضون بفعلهم. وكذلك أسند القتل إلى الأمة والقاتل واحد، لأن الأمة متضامنة، وهي في مجموعها كالشخص الواحد، فيؤخذ المجموع بجريرة الواحد، وفيه توبيخ وتقريع للغابرين والحاضرين، والجماعة والأفراد.
واذكروا حادثة القتل في تاريخكم، وتخاصمكم وتدافعكم في شأنه، فكل واحد يدرأ القتل عن نفسه ويدعي البراءة ويتهم سواه، والله أنكر فعلهم وكتمانهم، وأنتم اليوم تكتمون ما عندكم من أوصاف النّبي صلّى الله عليه وسلّم، والله مظهر لا محالة ما تكتمونه وتسترونه من أمر القتل، فقلنا: اضربوا القتيل ببعض أجزاء البقرة المذبوحة، فضربوه، فأحياه الله، وأخبر عن القتلة. ومثل ذلك الإحياء العجيب، يحيي الله الموتى يوم القيامة، فيجازي كل إنسان بعمله، وكذلك يريكم الله آياته الواضحة الدالة على صدق القرآن والنّبي، حيث يخبر بالمغيبات، كي تعقلوا وتؤمنوا بالنبي والقرآن، لعلكم تفقهون أسرار الشريعة وفائدة الخضوع لها، وتمنعون أنفسكم من اتباع أهوائها، وتطيعون الله فيما يأمركم به.
فقه الحياة أو الأحكام:
هذه القصة فيها العبرة والعظة ببيان بعض مساوئ اليهود ومواقفهم المتشددة والمعاندة، وأهم العظات ما يلي:
١ - ليس التشدد في الدين محمودا، وليس الإلحاف في كثرة السؤال مرغوبا فيه، لذا نهانا الله تعالى عن ذلك وقت نزول القرآن، بقوله:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا، لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}[المائدة ١٠١/ ٥]
وقوله صلّى الله عليه وسلّم-فيما رواه مسلم عن سعد بن أبي وقاص:«إن أعظم المسلمين في المسلمين جرما: من سأل عن شيء لم يحرّم على المسلمين، فحرّم عليهم من أجل مسألته»
وقوله عليه السّلام فيما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة: «ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما