هذه الآيات لإثبات الربوبية وتوحيد الألوهية، فقال تعالى:
{أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ} هذا رد على إنكار الخالق الواحد، فهل وجدوا من غير موجد، أم هم أوجدوا أنفسهم؟ وإذا كان الأمران منتفيين بشهادة العقل والحس والواقع وبإقرارهم، فالله هو الذي خلقهم وأنشأهم بعد أن لم يكونوا شيئا مذكورا.
{أَمْ خَلَقُوا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ، بَلْ لا يُوقِنُونَ} وهل خلقوا السموات والأرض وما فيهما من العجائب والغرائب وأسباب الحياة والمعيشة؟ إنهم في الواقع لا يستطيعون ادعاء ذلك، والحقيقة أن عدم إيقانهم من قولهم بأن الله هو الخالق هو الذي حملهم على التكذيب وإنكار رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، إذ لو أيقنوا حقا بأن الله هو الخالق ما أعرضوا عن عبادته.
{أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ} أي هل هم يملكون خزائن الله من النبوة والرزق وغيرهما، فيتصرفوا فيها كيف شاؤوا، أم هم المسلطون على المخلوقات يدبرون أمرها كيف يشاءون؟ الواقع أن الأمر ليس كذلك، بل الله عز وجل هو المالك المتصرف الفعال لما يريد.
{أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ، فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ} أي بل أيقولون: إن لهم سلّما منصوبا إلى السماء يصعدون به، أي مرقاة إلى الملأ الأعلى، ويستمعون فيه كلام الملائكة وما يوحى إليهم، ويطلعون على علم الغيب؟ فليأت مستمعهم إليهم على صحة ما هم فيه بحجة ظاهرة واضحة، كما أتى محمد صلى الله عليه وسلم بالبرهان الدال على صدقه. الواقع ليس لهم سبيل إلى ذلك، فليس لهم دليل ولا حجة على ما يقولون.