{قُوا أَنْفُسَكُمْ}{قُوا}: فعل أمر من (وقى، يقي) وأصله (أوقيوا) بوزن أفعلوا، فحذفت الواو، كما حذفت من (يقي) لوقوعها بين ياء وكسرة.
{لا يَعْصُونَ اللهَ، ما أَمَرَهُمْ}{ما أَمَرَهُمْ}: بدل من لفظ الجلالة، أي لا يعصون أمر الله.
{تَوْبَةً نَصُوحاً} إنما قال: {نَصُوحاً} ولم يقل (نصوحة) على النسب، كما قالوا: امرأة صبور وشكور، على النسب. وقرئ نصوحا بضم النون، وهو مصدر كالذهوب والجلوس والفسوق.
البلاغة:
{قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً} مجاز مرسل، من قبيل ذكر المسبّب وإرادة السبب، أي لازموا على الطاعة، لتقوا أنفسكم وأهليكم من عذاب الله.
المفردات اللغوية:
{قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً} اجعلوا لأنفسكم وقاية من النار بترك المعاصي وفعل الطاعات، واحملوا أهليكم على ذلك بالنصح والتأديب. {وَقُودُهَا} ما توقد به النار. {النّاسُ وَالْحِجارَةُ} بجعلهما نارا تتقد بهما اتقاد غيرها بالحطب، والمراد بالناس: الكفار، وبالحجارة: الأصنام التي تعبد، لقوله تعالى:{إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ}[الأنبياء ٩٨/ ٢١].
{عَلَيْها مَلائِكَةٌ} خزنة وعدتهم تسعة عشر، كما في سورة المدثر (الآية ٣٠). {غِلاظٌ} غلاظ الخلق والطباع. {شِدادٌ} أقوياء البدن على الأفعال الشديدة. {لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ} لا يعصون أمر الله في الماضي. {وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ} في المستقبل، وهو تأكيد لما سبق. قال الجلال المحلي: والآية تخويف للمؤمنين عن الارتداد، وللمنافقين المؤمنين بألسنتهم دون قلوبهم.
{لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ} يقال لهم ذلك عند دخولهم النار، أي لأنه لا ينفعكم الاعتذار، أو لأنه لا عذر لكم. {إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} أي جزاء عملكم.
{تَوْبَةً نَصُوحاً} صادقة، بالغة في النصح، وهي الندم على ما فات، والعزم على عدم العود إلى مثله في المستقبل.
سئل علي رضي الله عنه عن التوبة، فقال: يجمعها ستة أشياء: على الماضي من الذنوب الندامة، والفرائض الإعادة، ورد المظالم، واستحلال الخصوم، وأن تعزم على ألا تعود، وأن تربي نفسك في طاعة الله كما ربّيتها في المعصية.